القوم، كانت كبيرة، وأثرهم كان عظيماً، وبلغ من استهانتهم في حرمات الله، مالا يتصوره عاقل، ولاشك بأن هذه الأفعال والتصرفات تدل دلالة واضحة على ضعف الخلافة العباسية، وضعف حمايتهم لبيت الله الحرام.
ثالثاً: كما كان هذا العصر الذي عاشه أبو الحسن امتداداً لما قبله، والذي شهد سيطرة الأتراك على جميع أمور الدولة. فكان الخليفة في أيديهم كالأسير، حتى بلغ من سيطرتهم وسطوتهم أنهم يعزلون من الخلفاء من يشاءون، فمن أعجبهم من الخلفاء أبقوه، ومن لم يعجبهم خلعوه أو قتلوه، وكانت السيطرة والسطوة للوزير، أما الخليفة فليس له إلا الاسم. وكان الوزراء، إذا مات خليفة أو خلعوه، اختاروا خليفة من بعده ممن ليس أهلاً لها إما لصغر سنه أو ممن يتوسمون فيه الخضوع والانقياد لرغباتهم، أما إذا كان الخليفة يظهر القوة والتعنت، بادروا للتخلص منه، كما كانوا لا يتورعون زرع الفتنة وإثارة الخلاف بين بني العباس، حتى تدوم لهم سيطرتهم ومثال ذلك: عندما ولوا المقتدر بالله أبا الفضل جعفر ابن المعتضد، وكان عمره ثلاث عشرة سنة، قال ابن كثير: «وكان في بيت مال الخاصة خمسة عشر ألف ألف دينار، وفي بيت مال العامة ستمائة ألف دينار ونيف، وكانت الجواهر الثمينة،