للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيما يظهر لي، لأن الأشعري قال بأن قول المعتزلة يقتضي فناء سخط الله ورضاه وبيَّن أن هذا هو الخروج عن الإسلام، فما علاقة هذا الكلام بعقيدة الموافاة؟

٤ - كلام الإمام الأشعري في هذا الباب هو في معرض تقرير أن كلام الله غير مخلوق وأثبت هذا بحجة عقلية وليس بصدد تقرير عقيدة الموافاة أو نفيها ففرق بين هذا وذاك خاصة وأن كلامه الذي نقل منه أصحاب هذا القول لو لم يقتطع منه هذا الجزء لتجلى بوضوح أن غرض الأشعري من إيراد هذا الاستدلال هو إثبات صفة الكلام.

الملاحظة الخامسة:

ذكر أصحاب هذا القول أن المعتزلة استدلوا على قولهم بأن القرآن مخلوق بقوله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٢)} (١) [الأنبياء: ٢]. ثم نقلوا إجابة الأشعري على هذه الآية بقوله الذكر الذي عناه الله عز وجل ليس هو القرآن، بل هو كلام الرسول -صلى الله عليه وسلم- ووعظه إياهم (٢) فعقب أصحاب هذا القول بقولهم: (والذي دعاه إلى هذا التأويل البعيد خوفه من أن يوصف القرآن بأنه محدث، والحدوث: في اصطلاح أهل الكلام بمعنى الخلق، فالمحدث هو المخلوق،


(١) سورة الأنبياء، آية: ٢.
(٢) انظر ص ٥٥٩ من هذه الرسالة.

<<  <   >  >>