للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا هو الذي فر منه الأشعري، لكن الحدوث في لغة العرب يكون بمعنى التجدد، فيسمون ما تجدد حادثاً، وما تقدم على غيره قديماً، فلماذا لم يفسر الأشعري هذه الآية بالمعنى الثاني وهو أن المقصود به القرآن؟ ولا يقتضي ذلك أن يكون مخلوقاً، وقد بوب الإمام البخاري في صحيحه لذلك فقال: (باب قول الله تعالى: {كُلَّ … يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (٢٩)} [الرحمن: ٢٩]، {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: ٢]، وقوله تعالى: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (١)} [الطلاق: ١]، وأن حدثه لا يشبه حدث المخلوقين لقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)}. [الشورى: ١١]، وقال ابن مسعود (١)، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله يحدث من أمره ما يشاء، وإن مما أحدث، أن لا تكلموا في الصلاة» (٢)، ثم قالوا وهذا بناء على قول أهل السنة: إن الله يتصف


(١) هو: الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي، أبو عبد الرحمن. حليف بني زهرة، أسلم مبكراً في مكة حين أسلم سعيد بن زيد وزوجته فاطمة بنت الخطاب، وقيل: إنه أسلم سادس ستة، وهو أول من جهر بالقرآن في مكة حتى أوذي في ذلك، خدم الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وهاجر الهجرتين وصلى القبلتين، وشهد بدراً وأحداً وسائر المشاهد، من أعلم الصحابة بالقرآن والتفسير، وقد شهد له الرسول -صلى الله عليه وسلم- بذلك. وجهه عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ إلى الكوفة يعلِّم الناس، واستقدمه عثمان إلى المدينة، وتوفي بها سنة ٣٢ هـ. انظر ترجمته في: الاستيعاب (٢/ ٣٠٨ ـ ٣١٦)، والإصابة (٢/ ٣٦٠ ـ ٣٦٢)، ترجمته رقم (٤٩٥٤).
(٢) انظر: صحيح الإمام البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {كُلَّ … يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} باب رقم (٤٢) قبل حديث ٧٥٢٢.

<<  <   >  >>