للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأسباب سياسية (١).

قلت: ولاشك بأن هذا التفسير غير مقبول لأسباب:

١ - إن وصف الإمام الأشعري بأنه غير عقيدته إرضاء للحاكم تهمة بلا دليل، وحكم على النوايا والخفايا التي لا يعلمها إلا الله.

٢ - إن المتوكل - رحمه الله - توفي قبل مولد الأشعري بثلاث عشرة سنة، وأصبح الحكام من بعده يحرصون على نصر السنة. فالأشعري إذاً، ولد ونشأ ومات في عصر ارتفاع مقام أهل السنة، وظل هو مخالفاً لما هم عليه ـ أي أهل السنة ـ عشرات السنين. فدل على أن اعتزاليته كانت عن قناعة، وتحوله عن قناعة، فليس للحكومات في ذلك دور. بل لم يثبت أنه تعرض لأذى حاكم، حتى يقال إن هذا كان سبباً في التحول. والذي يظهر أن هذا السبب من أضعف الأسباب مع الذي قبله.

القول الثامن: إسراف المعتزلة في تمجيد العقل.

عدَّ بعض الباحثين أن إسراف المعتزلة في تمجيد العقل له دور في ذلك. لأنّ إسراف المعتزلة في اعتمادها على العقل، وفي تأويلها العقلي للنصوص المخالفة لآرائها، وتوغلها في قضايا الفلسفة والمنطق، جعلها تبتعد عن الغاية الرئيسة للهدف الذي سخرت نفسها من أجله، كل ذلك ولدّ في الأشعري رد فعل جعله يتجه إلى الأخذ بالنصوص النقلية مطوعاً


(١) نشأة الأشعرية ١٨١.

<<  <   >  >>