القول الرابع: أن الأشعري مَرَّ بعد رجوعه في طَوْرَيْنِ، وهما:
١ - أنه رجع أولاً إلى مذهب السلف.
٢ - أنه انتقل بعد مذهب السلف إلى التوسط واستقر عليه، ونشأ عنه ما يسمى بالمذهب الأشعري، وأدلة هؤلاء تقوم على أن كتاب اللمع هو آخر كتبه ومن أدلتهم ما يلي:
أولاً: أن الأشعري عندما رجع من الاعتزال انتقل إلى مذهب السلف الذي يسمي بالحنابلة، وقاده إلى ذلك الحماس والاندفاع، ثم بعد ذلك انتقل إلى الطور الأخير الذي توسط فيه. قال حموده غرابه: فقد اندفع الرجل في طريقه متحمساً حماسة قد يشفق عليه الإنسان منها، وأخذت كتاباته في أول عهده تفيض حرارة وتبجيلاً لمذهب السلف وطعناً في المعتزلة. ولعلَّ كتاب الإبانة وهو يصور هذه المظاهر يعود إلى تلك الفترة من حياته، كما نلاحظ أن هذا الاندفاع وتلك الحماسة في إثبات الوجه واليدين والعرش وما إلى ذلك كما تقول الحنابلة قد أخذت تخف مع الزمن، وشرع الرجل في استعادة توازنه يوماً بعد يوم، إلى أن انتهى إلى مكانه الوسط بين المعتزلة، والحنابلة، حيث تجلت فيه تلك الملكة النقدية العميقة التي استفاد أصولها من أساتذته الأُوَلْ (١). ولعل كتاب «اللمع» ـ كما نرجح ـ هو الذي يمثل مذهبه الوسط في صورته النهائية ثم قال