للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التَّجَهُّمِ والاعتزال. وإنكار اتصاف الله بالأفعال القائمة التي يشاؤوها، ويختاروها، وأمثال ذلك من المسائل التي أشكلت على من كان أعلم من الأشعري بالسنة والحديث وأقوال السلف والأئمة (١). قلت: والذي يظهر لي بأن شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ يتحدث هنا عن الطور الثاني الذي مر به الأشعري لسببين:

السبب الأول: لأنه هنا أنكر على الأشعري عدم قوله بالصفات الفعلية وذكر في موطن آخر أن الأشعري من القائلين بالصفات الفعلية واستشهد على هذا بما ذكره الأشعري في الإبانة في مسألة القرب وربطه له بالمشيئة، حيث قال شيخ الإسلام معلقاً على ما ذكر الإمام الأشعري في مسألة القرب مستدلاً بآيات سورة النجم {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (٩)} [النجم: ٨ - ٩] واستدلاله بهذه الآيات - يعني الأشعري في الإبانة - يدل على أن الله فوق العرش عنده، ويقتضي كلامه هذا أن الله عنده هو الذي يأتي ويجيء، إذ لولا ذلك لم يصح الدليل كما تقدم (٢). وقال أيضاً: وهذا صريح في أن قربه إلى خلقه عنده - أي الأشعري - من الصفات الفعلية، حيث قال كيف يشاء. والقرب بالعلم والقدرة لا يجوز تعليقه بالمشيئة، لأن علمه، وقدرته من لوازم ذاته، فهذا من اتفاق عامة الصفاتية على إثبات قرب الخلق إلى الله -عز وجل


(١) انظر الدرء ٧/ ٩٧.
(٢) (انظر بيان التلبيس (٨/ ٢٨).

<<  <   >  >>