للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البصرة في ذلك الوقت يغلو في السنة، فقال للأشعري: أهل ملتين لا يتوارثان، فمنعه من الميراث بتأويل تَأَوَّلَهُ، فأظهر التوبة وأخذ الميراث (١). وهذا التعليل غريب وعجيب لأسباب:

١ ـ لم نسمع أن معتزلياً منع من الميراث، وكيف يحرم والمعتزلة من أهل القبلة؟

٢ ـ كما أن فيها تهمة، بأن الأشعري باع عقيدته من أجل مَتَاعٍ قليل في الدنيا. ولو فرضنا جدلاً بأنه فعلاً رجع من أجل هذا السبب، فما الدافع الذي جعله يستمر في الرد على المعتزلة بعد استلامه الميراث إذا كان قد تركهم عن غير اقتناع كما يزعمون؟! ولكن الخصوم، يصنعون من المبررات ما هو ممجوج حتى يثبتوا بأن من تركهم لم يكن مقتنعاً بقولهم، وإنما الأمور الدنيوية المادية هي سبب ذلك، مع أن الأشعري كما في بعض الروايات كان زاهداً في دُنْيَاهُ، حيث كانت نفقته في كل سنة سبعة عشر درهماً (٢)، فكيف يقال بعد ذلك أنه كان من أهل الدنيا، بل وباع عقيدته من أجلها ـ سبحانك ربي هذا بهتان عظيم ـ؟!

القول الثالث عشر: غيرة الأشعري من ابن زوج أمه أبي هاشم الجبائي.

حيث كان تلميذاً لأبيه، ولذا ترك الأشعري المعتزلة ويؤكد ذلك أن الأشعري قد أغفل ذكر أبي هاشم الجبائي مع مكانته في كتابه المقالات


(١) مثالب ابن أبي بشر ص ١٥٥، والتبيين ٣٨١.
(٢) انظر التبيين ص ١٤٢.

<<  <   >  >>