١ - لقد استقر فيما يظهر لي عند أصحاب هذا القول أن الأشعري يرى بأن كلام الله قديم وبأنه غير متكلم متى شاء، كيف شاء، وتقرر ذلك عندهم، مما جعلهم يحملون جميع ما يذكره الأشعري بناء على هذا الحكم المسبق الذي استقوه من كتبه السابقة على الإبانة وإلا فالإمام الأشعري في هذا النص الذي نقله أصحاب هذا القول لم يذكر فيه الإمام الأشعري أن إرادة الله أزلية، ولم ينف أنها من صفات الأفعال بل أراد أن يثبت صفة الإرادة مع قوم ينفون هذه الصفة، فقياسه صفة الإرادة بصفة العلم والكلام عائد عنده إلى محاكمتهم بالمتفق عليه حتى يؤمنوا بالمختلف فيه. وليس مقصوده في هذا القياس المطابقة من كل وجه كما سبق بيانه والله أعلم.
٢ - فهم أصحاب هذا القول بأنه قد يتبادر إلى الذهن أنه قصد الرد على من قالوا بخلق القرآن، ثم قالوا: وهذا حق (١). قلت: فطالما أنهم فهموا بأن هذا هو المتبادر إلى الذهن، وبأن المتبادر إلى الذهن من قول الأشعري حق، فلما لم يكتفوا بهذا الحق؟ خاصة وأن هذا الحق واضح وَجَلِيٌّ وتم الوصول إليه بلا تكلف، والإنسان دائماً يبحث عن ما فيه الاعتذار لأخيه المسلم، فكيف لإمام من أئمة أهل الإسلام؟! فليتهم اكتفوا بهذا الحق دون أن يبحثوا عما يصرفهم