٣ - إن هذا المسلك يجعل الإقرار بصفة العلم يقتضي الإقرار بصفة الكلام مسلكاً سلكه الأشعري في الكثير من القضايا في كتابه هذا؛ بل نجده حتى في مسألة العلم عندما نفى بعضهم علم الله. قال لهم: إذا أَوْجَبْتُم أن لله كلاماً، وليس له علم، لأن الكلام أخص من العلم، والعلم أعم منه، فقولوا: أن لله قدرة، لأن العلم عندكم أعم من القدرة ..... ، بل نجده يلزمهم بالإقرار بصفة الإرادة قياساً على صفة العلم، والشاهد هنا أن هذه الإلزامات التي سلكها لا تقتضي فيما يظهر أنه يقصد المطابقة من كل وجه.
٤ - لو فرضنا صحة ما ذكره أصحاب هذا القول، فإن هذا لازم قول الأشعري، وليس صريح قوله. ولازم القول ليس بقول، كما أن لازم المذهب ليس بمذهب. فما بالنا والإمام الأشعري - رحمه الله - لم يقل ذلك ولم يقصده فيما يظهر من خلال نصوصه؛ لأن نصوصه ناطقةٌ بأن ربنا لم يزل متكلماً، لأن لم يزل تقتضي الاستمرار، فوصف الأشعري لله سبحانه وتعالى بهذه الجملة} لايزال متكلماً} إنما يفيد التجدد والاستمرار. فإن ثمة فرقاً بين أن يقال:} إنه تعالى كان متكلماً} أو: «إنه تعالى - تكلم وانتهى من الكلام»، وبين أن يقال:«إنه سبحانه - لايزال متكلماً» فإن العبارات الأولى تفيد الانقطاع عن الكلام. وأما العبارة الأخيرة فتفيد - يقيناً وبالنص - التجدد والاستمرار. وذلك يتضح مما لو قلنا هل انتهى الخطيب من خطبته؟