للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وبعضهم) جمعها (في الخطب) جمع خطبة من الخَطْب؛ لأن العرب كانوا إذا ألمَّ بهم الخطب -وهو الأمر المهم-. . خطبوا له، فيجتمع بعضهم إلى بعض، ويحتالون في دفعه.

(وكلها مقاصد صالحة) لشمول الأحاديث السابقة لجميعها (رضي اللَّه) تعالى (عن قاصديها، وقد رأيتُ) من الرأي (جمع أربعين أهم من هذا كلِّه، وهي أربعون حديثًا مشتملة على جميع ذلك) (١) لاشتمالها على جميع أصول الشريعة وفروعها، وآدابها وأخلاقها، ووسائلها ومقاصدها؛ لأن منها ما يرجع إلى تصحيح النية والتقوى في السر والعلن، والزهد في الدنيا وقصر الأمل، وترك ما لا يعني من الفضول، والاشتغال بالذكر، والاستعداد للِّقاء، والتواضع للخلق، وحسن التخلُّق معهم بالآداب الشرعية، والانقباض عنهم فيما لا يعني، وإرادة الخير لهم باطنًا، ومساعدتهم ظاهرًا حسب الإمكان، وغير ذلك من المصالح الدينية والدنيوية؛ إذ الشريعة منحصرةٌ في بيان مصالحهما.

ولا يَرِدُ على قوله: (وهي أربعون حديثًا) زيادتُهُ حديثينِ: إما لأن العدد لا مفهوم له كما قال به جمعٌ من الأصوليين، بل هو الصحيح، أو أن ذكر القليل لا ينفي الكثير (٢)؛ كما قيل به في رواية: "صلاة الجماعة تعدل صلاة الواحد بخمسةٍ وعشرين" (٣) مع رواية: "سبعة وعشرين" (٤)، أو أنه هنا كان عزمُهُ الاقتصارَ على الأربعين، فعند فراغها عنَّ له زيادة الحديثين الأخيرين؛ لحكمةٍ هي: أن أحدهما من باب الوعظ بمخالفة الهوى ومتابعة الشرع، ففيه حثٌّ على العمل بجميع الأحاديث السابقة، فكان في تعقيبها به تمام المناسبة، وثانيهما من باب الرجاء والدعاء والاستغفار والإطماع في الرحمة، ففيه تأنيس النفس وعدم نفرتها من التشديدات


(١) سقطت كلمة (جميع) من النسخ إلا من (غ) وهي موجودة في نسخ "المتن".
(٢) قوله: (أو أن ذكر القليل لا ينفي الكثير) هذا في معنى ما قبله؛ لأنه ينشأ عن كون العدد لا مفهوم له: أن ذكر القليل لا ينفي الكثير، فلا يظهر عطفه بـ (أو) عليه، فليتأمل. اهـ "مدابغي"
(٣) أخرجها مسلم (٦٤٩/ ٢٤٧)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ٦٠) عن سيدنا أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٤) أخرجه البخاري (٦٤٥)، ومسلم (٦٥٠) عن سيدنا ابن عمر رضي اللَّه عنهما، ولفظه: "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذِّ بسبعٍ وعشرين درجة".

<<  <   >  >>