للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تنبيه [علاقة انتفاء القبول بانتفاء الصحة]]

انتفاء القبول قد يُؤْذن بانتفاء الصحة؛ كما في: "لا يقبل اللَّه صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ" (١) ويفسر القبول حينئذٍ بأنه ترتب الغرض المطلوب من الشيء على الشيء (٢)، وقد لا، كما في الآبق، ومَنْ سخط عليها زوجها، وآتي العرَّاف، وشارب الخمر لا تُقبل لهم صلاةٌ أربعين يومًا، ويُفسَّر القبول حينئذٍ بالثواب، ومنه خبر أحمد الآتي: "من صلَّى في ثوبٍ قيمته عشرة دراهم فيه درهم حرام. . لم يقبل اللَّه له صلاة" (٣) ويميز بين هذينِ الاستعمالينِ بحسب الأدلة الخارجية (٤).

وأما القبول من حيث ذاتُهُ. . فلا يلزم من نفيه نفي الصحة وإن لزم من إثباته إثباتُها.

قيل: (وللقبول معنًى ثالثٌ؛ وهو الرضا بالعمل، ومدح فاعله، والثناء عليه بين الملائكة، والمباهاة به) انتهى، وفيه نظر؛ لأن مرجع ذلك إلى المعنى الثاني وهو الثواب؛ إذ لا فائدة له إلا إعلام الملائكة بمرتبته ليخصُّوه بمزيد دعاءٍ واستغفارٍ، وهذه الجملة توطئةٌ وتأسيسٌ لما هو المقصود بالذات من سياق هذا الحديث، وهو طيب المطعم لحيازة الكمال المستلزم لإجابة الدعاء غالبًا.

واستفيد مما قررته: أن الطيب يأتي بمعنى الطاهر، وبمعنى الحلال -وقد مرَّا- وبمعنى المستلذ طبعًا.

(وإن اللَّه) تعالى (أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين) فسوَّى بينهم في الخطاب بوجوب أكل الحلال، وفيه أن الأصل: استواؤهم مع أممهم في الأحكام إلا ما قام الدليل على أنه مختصٌّ بهم.


(١) أخرجه البخاري (٦٩٥٤)، ومسلم (٢٢٥) عن سيدنا أيي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٢) قوله: (ترتب الغرض المطلوب من الشيء على الشيء) كترتب سقوط الطلب على المكلف المطلوب منه الصلاة على الطهارة مثلًا. اهـ "مدابغي"
(٣) انظر "مسند الإمام أحمد" (٢/ ٩٨) عن سيدنا ابن عمر رضي اللَّه عنهما، ولفظه فيه: "من اشترى ثوبًا" فليتنبه.
(٤) قوله: (هذين الاستعمالين) أي: القبول والثواب.

<<  <   >  >>