للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الحديث التاسع والثلاثون [رفع الحرج في الإسلام]]

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ" حدِيثٌ حسَنٌ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَغَيْرُهُمَا (١).

(عن ابن عباس رضي اللَّه) تعالى (عنهما: أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: إن اللَّه تجاوز) من (جازه) إذا تعدَّاه وعَبَر عليه، وهو هنا بمعنى: ترك، أو رفع (لي) أي: لأجلي (عن أمتي الخطأ) يحتمل عن حكمه، أو عن إثمه، أو عنهما جميعًا، وهذا هو الأشبه؛ إذ لا مرجح لأحدهما، فأُبْقي الحديث على تناولهما، وتخصيصه بالثاني يحتاج لدليلٍ كما يأتي، ولا ينافي ما قلناه ضمانُ نحو المخطئ للأموال والديات، ووجوب الإعادة على مَنْ صلَّى محدثًا أو بنجسٍ مثلًا ناسيًا، وإثم المكره على القتل؛ لأن ذلك خرج عن حكم هذا الحديث بدليلٍ آخر منفصل، فأُبْقي على تناوله للأمرين -فيما عدا ما خرج لدليل- هنا.

والمراد بالخطأ هنا: ضد العمد؛ وهو: أن يقصِد بفعله شيئًا فيصادف غير ما قصد، لا ضد الصواب، خلافًا لمن زعمه؛ لأن تعمُّد المعصية يسمَّى خطأً بالمعنى الثاني، وهو غير ممكن الإرادة هنا (٢).

ولفظه يمد ويقصر، ويطلق على الذنب أيضًا من (خطئ وأخطأ) بمعنًى على


(١) سنن ابن ماجه (٢٠٤٥)، وسنن البيهقي الكبرى (٧/ ٣٥٦).
(٢) قوله: (لأن تعمد المعصية) أي: الإتيان بها عمدًا (يسمى خطأً بالمعنى الثاني) وهو ضد الصواب (وهو غير ممكن الإرادة هنا) لأنه لا تجاوز عنه ولا صفح. اهـ "مدابغي".

<<  <   >  >>