للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث التاسع [النهي عن كثرة السؤال والتنطُّع]

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَخْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ. . فَاجْتَنِبُوهُ, وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ. . فَافْعَلُوا (١) مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ؛ فَإِنَّمَا أَهْلِكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ, وَاخْتِلافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ (٢).

(عن أبي هريرة) جره هو الأصل، وصوَّبه جماعة؛ لأنه جزء العلم، واختار آخرون منعَ صرفه كما هو الشائع على ألسنة العلماء من المحدِّثين وغيرهم؛ لأن الكل صار كالكلمة الواحدة، واعترض بأنه يلزم عليه رعاية الحال والأصل معًا في كلمةٍ واحدةٍ، بل في لفظ (هريرة) إذا وقعت فاعلًا مثلًا؛ فإنها تعرب إعراب المضاف إليه نظرًا للأصل، وتمنع من الصرف نظرًا للحال، ونظيرُه خفيٌّ. اهـ

ويجاب بأن الممتنع رعايتهما من جهةٍ واحدةٍ لا من جهتين كما هنا، وكان الحامل عليه الخِفَّةُ، واشتهار هذه الكنية، حتى نُسي الاسم الأصلي بحيث اختلفوا فيه اختلافًا كثيرًا كما سيأتي.

وسبب تلقيبه بذلك: ما رواه ابن عبد البر عنه أنه قال: كنت أحمل يومًا هرةً في كمي، فرآني النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقال لي: "ما هذه؟ " فقلت: هرة، فقال: "يا أبا هريرة" (٣).


(١) انظر الهامش رقم (١) في الصفحة (٢٧٣).
(٢) صحيح البخاري (٧٢٨٨)، وصحيح مسلم (١٣٣٧) في كتاب الفضائل، باب توقيره صلى اللَّه عليه وسلم.
(٣) انظر "الإستيعاب" (٤/ ٢٠٤).

<<  <   >  >>