للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بقبول إسلام الكافر، قيل: وكلام ابن عبد البر يدل على أنه إجماع (١)، أي: ومع تسليم ذلك. . فالأرجح: أنه ظنيٌّ، كما دلَّت عليه نصوصٌ أخر، لكن لقوة ذلك الظن أُجري مُجرى القطع في النصوص الأُخر.

[تنبيه [الأعمال الصالحة لا تكفر غير الصغائر، ووجوب التوبة من الصغيرة]]

اختلفوا في مسألتين:

إحداهما: أن الأعمال الصالحة لا تكفر غير الصغائر على الأصح (٢)، بل المجمع عليه على ما قاله ابن عبد البر، وأما الكبائر. . فلا بد لها من التوبة؛ لإجماعهم على أنها فرضٌ، ويلزم من تكفير الكبائر بنحو الوضوء والصلاة بطلانُ فرضية التوبة، ويؤيده حديث "الصحيحين": "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفراتٌ لِمَا بينهنَّ ما اجتنب الكبائر" (٣).

حكى ابن عطية عن جمهور أهل السنة: (أن معناه: أن اجتناب الكبائر شرطٌ لتكفير هذه الفرائض للصغائر، فإن لم تجتنب. . لم تكفر شيئًا بالكلية، وعن الحذَّاق: أنها تكفر الصغائر ما لم يُصِرَّ عليها (٤)، سواء فعل الكبائر أم لا، ولا تكفر شيئًا من الكبائر) (٥).

وروى مسلم: "ما من امرئٍ مسلمٍ يحضر صلاةً مكتوبةً، فيُحسن وضوءها،


(١) انظر "التمهيد" (٤/ ٤٤) وما بعدها.
(٢) ما عدا المخصصات من الأعمال المكفرة للذنوب المتقدمة والمتأخرة كبيرها وصغيرها، وقد صنف فيها العلامة ابن حجر العسقلاني رحمه اللَّه تعالى كتابًا سماه "الخصال المكفرة للذنوب المتقدمة والمتأخرة" فإن أردت بيان المقولة. . فارجع إليه. (قبد الهركني) اهـ هامش (غ)
وفي هامشها أيضًا: (وليس تكفير الأعمال الصالحة للصغائر عبارة عن إسقاط ثوابها في نظيرها كما قاله المعتزلة، بل هو عندنا عبارةٌ عن عدم المؤاخذة بها مع بقاء ثواب تلك الأعمال موفرًا على صاحبها) اهـ "شرح عبد السلام لجوهرة التوحيد" (ص ١٤١).
(٣) صحيح مسلم (٢٣٣/ ١٦) عن سيدنا أبي هريرة رضي اللَّه عنه، ولم نجده عند البخاري في "الصحيح"، وهو معلق عنده في "التاريخ الكبير" (٦/ ١٤٠).
(٤) إلا أن تغلب طاعات المصرِّ معاصيه كما في كتب الفقه واللَّه أعلم، وكما في "حاشية ابن حجر على الإيضاح" انظر (ص ١٧) اهـ هامش (غ)
(٥) انظر "المحرر الوجيز" (٣/ ٢١٣).

<<  <   >  >>