للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما قاله أبو عبيد (١)، وقال غيره: المخطئ: من أراد الصواب فصار إلى غيره، والخاطئ: من تعمد ما لا ينبغي، وفي رواية: "إن اللَّه تجاوز لأمتي عن الخطأ" (٢) وهي أظهر؛ إذ لا يحتاج فيها إلى تضمين (تجاوز) لغيره بخلاف الأُولى كما تقرر.

(والنسيان) بكسر النون، وهو ضد الذُّكر والحفظ، وقد يطلق على الترك من حيث هو (٣)، ومنه: {نَسُوْا اللَّه فَنَسِيَهُمْ}، {وَلَا تَنسَوْا الْفَضِلَ بَيْنَكُمْ}.

(وما استكرهوا عليه) من (أكرهته على كذا) إذا حملتَهُ عليه قهرًا، والكره -بالضم-: المشقة، وبالفتح: الإكراه، وقال الكسائي: هما لغتان.

(حديث حسن، رواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما) كابن حبان في "صحيحه" والدارقطني بإسنادٍ صحيح (٤)، بل كل رجاله يحتج بهم في "الصحيحين"، ومن ثم قال الحاكم: صحيح على شرطهما (٥)، لكن أُعلَّ بالإرسال، وممَّن أنكر وصله أحمد وأبو حاتم الرازي، بل قال: وصْلُه موضوعٌ، وحكى البيهقي عن محمد بن نصر المروزي أنه قال: ليس لهذا الحديث إسنادٌ يحتج به. وكل ذلك مردودٌ؛ للقاعدة المشهورة: أنه إذا تعارض وصلٌ وإرسالٌ. . فالحكم للأول؛ لأن مع صاحبه زيادة علم، وعلى التنزل فقد روي مرفوعًا من وجوهٍ أخر يفيد مجموعها أنه حسن، فلذا قال المصنف: إنه حسن.

وهو عامُّ النفع؛ لوقوع الثلاثة في سائر أبواب الفقه، عظيم الوقع، يصلح أن يسمى نصف الشريعة؛ لأن فعل الإنسان الشامل لقوله إما أن يصدر عن قصدٍ واختيارٍ


(١) هو الإمام العلامة أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي، صاحب الإمام الأزهري رحمهما اللَّه تعالى، وذكر هذا الكلام في كتابه "الغريبين في القرآن والحديث" (٢/ ٥٦٧)، وهو متوفى سنة (٤٠١ هـ). وهو غير القاسم بن سلام الهروي الإمام اللغوي صاحب "غريب الحديث" فإنه توفي سنة (٢٢٤ هـ) رحمه اللَّه تعالى.
(٢) أخرجها الطبراني في "الكبير" (١١/ ١٠٨ - ١٠٩) عن سيدنا ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٣) النسيان والخطأ على قسمين: قسم لا يمكن التحرز عنه، وهو مرفوعٌ ومعفوٌ عنه، وهو ما لم يستند إلى تقصيرٍ من المكلف؛ كما إذا لم ير على ثوبه نجاسةً فصلى معه، وقسم يستند إلى تقصيره ومباشرته الأسباب المؤدية إليه؛ مثل ترك التحفظ عنه والإعراض عن أسباب التذكر، فإنه لا يكون معذورًا ومعفوًا عنه؛ كمن ترك دراسة القرآن وتكراره حتى نسيه، فإنه يكون مقصرًا وملومًا. (زاده من خط محمد طاهر بخط محمد علي الجوخي) اهـ هامش (غ)
(٤) صحيح ابن حبان (٧٢١٩)، وسنن الدارقطني (٤/ ١٧٠) عن سيدنا ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٥) المستدرك (٢/ ١٩٨) عن سيدنا ابن عباس رضي اللَّه عنهما.

<<  <   >  >>