للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنزل لبنٌ، فحلبه في إناءٍ، فشرب منه، وسقى أبا بكر، ثم قال للضرع: "اقلص" فقلص (١).

ثم هاجر إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، وشهد بدرًا، وبيعة الرضوان، والمشاهد كلَّها، وصلى إلى القبلتين، وكان صلى اللَّه عليه وسلم يكرمه ويدنيه ولا يحجبه؛ فلذلك كان كثير الوُلوج عليه صلى اللَّه عليه وسلم، ويمشي أمامه ومعه، ويستره إذا اغتسل، ويوقظه إذا نام، ويُلبسه نعليه إذا قام، فإذا جلس. . أدخلهما في ذراعيه، وكان مشهورًا بين الصحابة رضي اللَّه عنهم بأنه صاحب سرِّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وسواكه، ونعليهِ، وطَهورهِ في السفر.

وبشَّره صلى اللَّه عليه وسلم بالجنة، وقال: "رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد، وسخطت لها ما سخط لها ابن أم عبد" (٢).

وكان شبيهًا برسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في سَمته وهديه ودأبه، وكان خفيف اللحم، شديد الأُدمة، نحيفًا، قصيرًا جدًّا نحو ذراع، ولمَّا ضحك الصحابة رضي اللَّه عنهم من دقَّة رِجليه. . قال صلى اللَّه عليه وسلم: "لَرِجْلُ عبد اللَّه في الميزان أثقل من أُحُد" (٣).

وَلِيَ قضاء الكوفة ومالها في خلافة عمر رضي اللَّه عنه وصدرًا من خلافة عثمان


= إباحة اللبن، وكانوا يتعهدون بذلك رعاتهم، ويشترطون عليهم عند عقد إجارتهم ألَّا يمنعوا اللبن من أحدِ مرَّ بهم، وللحكم بالعرف في الشريعة أصول تشهد له. اهـ، قلت: وقد ذكر بعض أئمتنا رضي اللَّه عنه في خصائص النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه أُبيح له صلى اللَّه عليه وسلم أخذ الطعام والشراب من مالكهما المحتاج إليهما إذا احتاج النبي صلى اللَّه عليه وسلم إليهما، وأنه يجب على صاحبهما البذل له صلى اللَّه عليه وسلم؛ قال اللَّه تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} قاله النجم الغيطي. اهـ "مدابغي"
(١) أخرجه ابن حبان (٦٥٠٤)، وأبو يعلى في "مسنده" (٤٩٨٥)، والطبراني في "الكبير" (٩/ ٧٩) عن سيدنا ابن مسعود رضي اللَّه عنه. وفي هامش (غ): (قال عبد اللَّه: فلما رأيت هذا. . قلت: يا رسول اللَّه؛ علمني فمسح رأسه فقال: "بارك اللَّه فيك؛ فإنك غلام مُعلَّم").
(٢) أخرجه الحاكم (٣/ ٣١٧)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٣٣/ ١٢٠) عن سيدنا ابن مسعود رضي اللَّه عنه، وليس عندهم: "وسخطتُ لها ما سخط"، والحديث عند البزار في "مسنده" (١٩٨٦) بلفظ: "وكرهتُ لها ما كره لها ابن أم عبد".
(٣) أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (٢٣٧)، والإمام أحمد (١/ ١١٤)، وأبو يعلى في "مسنده" (٥٣٩) عن سيدنا علي رضي اللَّه عنه.

<<  <   >  >>