وكان يلبس ثوبًا حَوْرانيًا وعمامة شبختانية، ولا يجمع بين أدمين، حافظًا لأوقاته عن أن تضيع في غير طاعة.
إذا زاره أحد. . لا يزيده على السلام وجواب ما لا بد منه من مسألة علم، فإن جلس عنده. . دفع إليه كتابًا ينظر فيه، لئلا يشغله.
مراقبًا للَّه عز وجل في حركاته وسكناته وخطواته وخطراته.
آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر، أنكر على الملك الظاهر غير مرة، فكان يقول: أنا لا أخاف إلا من هذا النووي، وكان يمتثل جميع ما يأمره به.
كل ذلك من ثمرة الصدق والإخلاص، وإرادة وجه اللَّه عز وجل، وابتغاء رضوانه علمًا وعملًا. . فهنيئًا له رضي اللَّه عنه.
فسبحان من وفقه وأعطاه وأفاض عليه من جوده وفضله إنه ذو الفضل العظيم.
واعلم: أن مناقبه ومآثره لا تكاد تحصى، وقد أفردها تلميذه الشيخ علاء الدين ابن العطار بتصنيف مستقل جمع فيه معظم أحواله.
وملخص ما أقول: أنه ولد في العشر الأوسط من المحرم سنة إحدى وثلاثين وست مئة، ونشأ ببلده نوى، وكان آية في النجابة من صغره، وقرأ بها القرآن.
وقدم دمشق في سنة تسع وأربعين، فقرأ "التنبيه" في أربعة أشهر ونصف، وحفظ ربع "المهذب" في بقية السنة.
ولزم شيخه كمال الدين إسحاق بن أحمد المغربي، وأعاد عنده للجماعة.
ومكث قريبًا من سنتين لا يضع جنبه إلى الأرض، وأقام بالرّواحيّة ملازمًا للاشتغال إلى سنة إحدى وخمسين.
فحج مع والده (١)، فحُمَّ من أول ليلة خرجوا من نوى إلى يوم عرفة، قال والده: فما تأوَّه ولا تضجَّر.
(١) قال السخاوي في "حياة الإمام النووي" (ص ٧): (وكانت هذه حجة الإسلام، وفي كلام الدميري -كما في "النجم الوهاج" [١/ ٢١٧]- أنه حج مرة أخرى، ويستأنس له بقول العماد ابن كثير في "تاريخه" [٧/ ٣٢٣]: أنه حج في مدة إقامته بدمشق). =