للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل: هو في المسجد مَنْ سمع الأذان أو الإقامة منه، فيقدر كذلك في الدور، وقيل: مَنْ ساكنك في محلةٍ أو بلدٍ. . فهو جارك، والمجاورة مراتب بعضها ألصق من بعض، أدناها الزوجة والقريب، وهو المراد بالجار ذي القربى في الآية، والجار الجنب فيها: الأجنبي، وقيل: الأول المسلم، والثاني الكافر، وقيل: الأول القريب المسكن منك، والثاني البعيد المسكن، وكأن قائله نظر لخبر عائشة: يا رسول اللَّه؛ إن لي جارينِ، فإلى أيِّهما أُهدي؟ قال: "إلى أقربهما منكِ بابًا" (١)، وقيل: الثاني الزوجة.

"فالجيران ثلاثة: كافرٌ، فله حقٌّ واحدٌ بالجوار، ومسلمٌ، فله حقان: الجوار، والإسلام، ومسلم قريب، فله ثلاثة حقوق: الجوار، والإسلام، والقرابة"، وهذا حديثٌ له طرقٌ متصلةٌ ومرسلة، لكن لا تخلو كلها عن مقال (٢).

والأحاديث في حقوق الجار كثيرة؛ ففي "الصحيحين": "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" (٣).

وروى مسلم عن أبي ذرٍّ رضي اللَّه تعالى عنه قال: أوصاني خليلي صلى اللَّه عليه وسلم: "إذا طبختَ مرقًا. . فأكثِرْ ماءه، ثم انظر إلى أهل بيتٍ من جيرانك فأصبهم منها بمعروف" (٤)، وفي رواية: "فأكثر ماءها (٥)، وتعاهد جيرانك" (٦).

وروى البخاري في "الأدب": "كم من جارٍ متعلقٌ بجاره يوم القيامة يقول: يا رب؛ هذا أغلق بابه دوني فمنع معروفه" (٧).

(ومن كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر. . فليكرم ضيفه) الغنيَّ والفقيرَ بالبشر في


(١) أخرجه البخاري (٢٢٥٩).
(٢) قوله: (وهذا حديث له) عائدٌ على قوله: (فالجيران ثلاثة: كافر. . .) وقد ذكره الحافظ الهيثمي رحمه اللَّه تعالى في "مجمع الزوائد" (٨/ ١٦٧) عن سيدنا جابر رضي اللَّه عنه بنحوه، وعزاه للبزار.
(٣) صحيح البخاري (٦٠١٥)، وصحيح مسلم (٢٦٢٥) عن سيدنا ابن عمر رضي اللَّه عنهما.
(٤) صحيح مسلم (٢٦٢٥/ ١٤٣).
(٥) يعني: لا تجعل ماء قِدرك قليلًا لتكون مرقك كثيرة اللذة؛ فإنك حينئذٍ لا تقدر على تعاهد جيرانك، بل اجعل ماء قِدرك كثيرًا؛ ليبلغ منه نصيبٌ إلى جيرانك وإن لم يكن لذيذًا. اهـ هامش (غ)
(٦) صحيح مسلم (٢٦٢٥/ ١٤٢).
(٧) الأدب المفرد (١١١) عن سيدنا أبن عمر رضي اللَّه عنهما.

<<  <   >  >>