ويرد ما قاله مع ما فيه من التكلف والتمحُّل بأن النظر لتعلق العلم لا يحسن هنا؛ لأنه لا خصوصية لهذه الثلاثة (١)، بل تعلقه بجميع الموجودات تعلقٌ واحدٌ لا تقدم فيه لبعضها على بعضٍ، وعند النظر لهذا لا يكون في تخصيصه صلى اللَّه عليه وسلم المعية بهذه الثلاثة كبيرُ معنًى، وكلامه الشريف البالغ أعلى مراتب الفصاحة والبلاغة بعد القرآن يجِلُّ عن ذلك.
وأما النظر للوجود الحقيقي، وزعم أن (مع) حينئذٍ بمعنى (بعد) وأن المقارنة متعذرة؛ لما بينهما من التضاد أو شبهه. . فجميعه في محل المنع؛ لأنه مجرد دعوى لا دليل عليها؛ لما تُلِيَ عليك قبلُ من صحة كونها على بابها، وبيان وقوع المقارنة بينهما بالاعتبار السابق الدافع لدعوى تضادٍّ أو شبهةٍ بينهما.
ومن لطائف اقتران الفرج بالكرب وأليسر بالعسر: أن الكرب إذا اشتد وتناهى. . أَيِس العبد من جميع المخلوقين، وتعلَّق قلبه باللَّه سبحانه وتعالى وحده، وهذا هو حقيقة التوكل، وقد قال سبحانه وتعالى:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}.