للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مفلحًا؛ لأن المحافظة على الفرائض وحدها فلاحٌ أيُّ فلاح، وضم التطوع إليها إنما هو زيادةٌ في الفلاح.

قيل: ومن المعلوم أن هذا ونحوه لا يسوغ لهم ترك الوتر، ولا ترك صلاة العيدين، ولا غير ذلك مما فعله النبي صلى اللَّه عليه وسلم في جماعةٍ من المسلمين. اهـ

وهو مجرد دعوى قصد به الاستدلال على وجوب نحو صلاة العيد والوتر، ولا دليل فيه لذلك؛ إذ قوله صلى اللَّه عليه وسلم: "لا، إلا أن تطوع". . صريحٌ في عدم وجوب الوتر والعيد وغيرهما، لا عينًا ولا كفاية، فمن ثَمَّ أخذ به الشافعي رضي اللَّه تعالى عنه.

(رواه مسلم) وهو جامعٌ للإسلام أصولًا وفروعًا؛ لأن أحكام الشريعة إما قلبيةٌ، أو بدنيةٌ، وعلى التقديرين: إما أصليةٌ، أو فرعيةٌ، فهي أربعةٌ بحسب القسمة، ثم جميعها إما مأذونٌ فيه وهو الحلال، أو ممنوعٌ منه وهو الحرام.

و (اللام) في (الحلال) (١) -والمراد به: المأذون في فعله، واجبًا كان، أو مندوبًا، أو مباحًا، أو مكروهًا- وفي (الحرام) للاستغراق، فإذا أحلَّ كلَّ حلالٍ وحرَّم كل حرامٍ. . فقد أتى بجميع وظائف الشرع، وذلك مستقلٌّ بدخول الجنة.

(ومعنى) قوله: (حرمت الحرام: اجتنبته، ومعنى) قوله: (أحللت الحلال: فعلته معتقدًا حله [واللَّه أعلم]) (٢) فيه نظر، وأوجه منه قول ابن الصلاح: (الظاهر: أنه قصد به اعتقاد حرمته، وألَّا يفعله، بخلاف تحليل الحلال؛ فإنه يكفي فيه مجرد اعتقاد كونه حلالًا وإن لم يفعله) اهـ (٣)، ويوجَّه بأنا لسنا مكلَّفين بفعل الحلال من حيث ذاته، بل لمصالح تترتب على فعله، فلم يكن فعله مشترطًا في دخول الجنة، بخلاف الحرام؛ فإنا مكلَّفون باجتنابه، وباعتقاد تحريمه لذاته فيهما من غير نظرٍ لما يترتب عليه.

* * *


(١) في بعض النسخ: (واللام في الحلال للجنس. . .).
(٢) ما بين معقوفين زيادة من نسخ المتن.
(٣) انظر "صيانة صحيح مسلم" (ص ١٤٥).

<<  <   >  >>