للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من التسبيح، وسره: أن في التحميد إثبات سائر صفات الكمال، والتسبيح تنزيهٌ عن سائر النقص، والإثبات أكمل من السلب.

واعلم: أن الميزان أوسع مما بين السماء والأرض، فما يملؤه أكثر مما يملؤهما، ويدل له حديث: "يوضع الميزان يوم القيامة، فلو وزن فيها السماوات والأرض. . لوسعت، فتقول الملائكة: يا رب؛ لمن يزن هذا؟ فيقول اللَّه تعالى: لمن شئتُ من خلقي، فتقول الملائكة: سبحانك ما عبدناك حقَّ عبادتك" خرجه الحاكم مرفوعًا وصححه (١)، قيل: والموقوف أشهر (٢).

وبه يعلم أن (الحمد للَّه) أكثر ثوابًا من (لا إله إلا اللَّه) لما تقرر أن (الحمد للَّه) يملأ الميزان، وأنه أكثر مما يملأ السماوات والأرض، ومع ذلك لا يملؤه (لا إله إلا اللَّه) إلا مع ضم (اللَّه أكبر) إليها، وقد حكى ابن عبد البر وغيره خلافًا في ذلك (٣)، قال النخعي: (كانوا يرون أن "الحمد للَّه" أكثر الكلام تضعيفًا) (٤)، والثوري: (ليس يضاعف من الكلام مثل "الحمد للَّه") (٥).

وروى أحمد: "إن اللَّه سبحانه وتعالى اصطفى من الكلام أربعًا: سبحان اللَّه، والحمد للَّه، ولا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر، كان في كل من الثلاثة عشرين حسنة، وحط عشرين سيئة، وفي الحمد للَّه ثلاثين" (٦).

وحجة الآخرين: ما في حديث البطاقة المشهور عند أحمد والنسائي والترمذي: "إن لا إله إلا اللَّه لا يعدلها شيء في الميزان" (٧) لكن عند أحمد: "ولا يثقل شيء بسم اللَّه الرحمن الرحيم" (٨)، وروى أحمد: "لو أن السماوات السبع وعامرهن


(١) المستدرك (٤/ ٥٨٦) عن سيدنا سلمان رضي اللَّه عنه.
(٢) كأن الظاهر: والوقف أشهر. اهـ هامش (غ)
(٣) انظر "التمهيد" (٦/ ٤١ - ٤٤).
(٤) أخرجه البيهقي في "الشعب" (٤٠٨٣)، وابن أبي الدنيا في "الشكر" (١٠٤).
(٥) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٧/ ٥٦).
(٦) مسند الإمام أحمد (٢/ ٣١٠) عن سيدنا أبي سعيد الخدري وسيدنا أبي هريرة رضي اللَّه عنهما.
(٧) مسند الإمام أحمد (٢/ ٢١٣)، وسنن الترمذي (٢٦٣٩) عن سيدنا عمرو بن العاص رضي اللَّه عنه.
(٨) مسند الإمام أحمد (٢/ ٢١٣). والحاصل: أن الحمد أفضل من التسيح ومن التكبير ومن التهليل، وحديث: "أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا اللَّه" محمولٌ على من أراد الخروج من الكفر إلى الإسلام بكلمة =

<<  <   >  >>