للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلامة؛ إذ ما من عِرْقٍ ولا عظمٍ ولا عصبٍ إلا وهو علامة على عظيم صنعه تعالى ومنَّته، حيث خلقه سويًا صحيحًا.

ومن ثم كان معنى هذه الأحاديث: أن تركيب هذه العظام وسلامتها من أعظم نِعَم اللَّه تعالى على عبده، فيحتاج كل عظبم منها إلى تصدُّقٍ عنه بخصوصه؛ ليتم شكر نعمته، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} الآيةَ.

ومن ثَمَّ قال أبو الدرداء: (الصحة غنى الجسد) (١)، وقال وهب: (مكتوبٌ في حكمة آل داوود: العافية الملك الخفي) (٢) أي: فهي النعيم المسؤول عنه يوم القيامة، كما قال ابن مسعود: (النعيم الأمن والصحة) (٣).

وأخرج الترمذي وابن حبان: "إن أول ما يسأل العبد عنه يوم القيامة فيقول اللَّه له: ألم نصحَّ لك جسمك، ونرويك من الماء البارد؟! " (٤).

وقال ابن عباس في قوله تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قال: (النعيم: صحة الأبدان والأسماع والأبصار، يسأل اللَّه العباد فيم استعملوها وهو أعلم بذلك منهم، وهو قوله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}) (٥).

وأخرج الطبراني بسندٍ فيه ضعف: "من قال: سبحان اللَّه وبحمده. . كتب له مئة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنة" فقال رجل: كيف يهلك بعد هذا يا رسول اللَّه؛! قال: "إن الرجل ليأتي يوم القيامة بما لو وضع على جبلٍ. . لا يُقِلُّه، فتقوم النعمة من نِعَم اللَّه، فتكاد أن تستنفد ذلك كله إلا أن يتطاول اللَّه تعالى برحمته" (٦).

وابن أبي الدنيا بسندٍ فيه ضعف أيضًا: "يؤتى بالنِّعم يوم القيامة وبالحسنات


(١) أخرجه ابن أبي الدنيا في "الشكر" (١٠٢).
(٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في "الشكر" (١٢٢).
(٣) أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" (٢٥٤٧)، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (٨/ ٦١٢) وعزاه لهناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في "الشعب".
(٤) سنن الترمذي (٣٣٥٨)، وصحيح ابن حبان (٧٣٦٤) عن سيدنا أبي هريرة رضي اللَّه عنه. قوله: (ونرويك) كأن الظاهر: (ونروك) بحذف الياء؛ لعطفه على (نصح) المجزوم بـ (ألم) ولعله جاء على لغية، فراجعه. اهـ "مدابغي"
(٥) أخرجه البيهقي في "الشعب" (٤٢٩٣).
(٦) المعجم الكبير (١٢/ ٣٣٣) عن سيدنا عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما.

<<  <   >  >>