للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سادكم؟ قالوا: احتاج الناس إلى علمه، واستغنى هو عن دنياهم، فقال: ما أحسن هذا!) (١).

(حديث حسنٌ، رواه) أبو عبد اللَّه محمد بن يزيد (ابن ماجه) القزويني صاحب "السنن" ولد سنة تسع ومئتين، ومات سنة ثلاث وسبعين ومئتين.

واعترض تحسينه رواية ابن ماجه بأن في سندها من قال أحمد فيه: إنه منكر الحديث ليس بثقة، وابن معين: ليس حديثه بشيءٍ، والبخاري وأبو زرعة: منكر الحديث، وأبو حاتم: متروك ضعيف، وابن عدي وغيره: وضَّاع، وابن حبان في "الضعفاء": كان ينفرد عن الثقات بالموضوعات، لا يحل الاحتجاج بخبره (٢).

ويجاب بأن ابن حبان ذكره في كتاب "الثقات" ولو سُلِّم أنه ضعيفٌ. . فهو لم ينفرد به، بل رواه آخرون غيره، فالتحسين إنما جاء من ذلك وإن قيل: إن هؤلاء كلهم ضعفاء، إذ غاية الأمر أنه حسنٌ لغيره لا لذاته، وكلاهما يحتج به، بل بعض رواته هؤلاء وثَّقه كثيرون من الحفَّاظ.

(وغيره) كالعقيلي، وابن عدي، وابن أبي حاتم، والخطيب (بأسانيد حسنة) لغيرها لا لذاتها بالنظر لما قررته (٣).

وهو أحد الأحاديث الأربعة التي عليها مدار الإسلام، وقد مرت (٤).

وفي روايةٍ مرسلةٍ: أن رجلًا قال: يا رسول اللَّه، دلني على عملٍ يحبني اللَّه عليه ويحبني الناس عليه، فقال: "أما العمل الذي يحبك اللَّه عليه. . فالزهد في الدنيا، وأما العمل الذي يحبك الناس عليه. . فانظر هذا الحطام فانبذه إليهم" أي: لا تأخذه، كناية عن ترك مالهم جملةً، وخرَّجها ابن أبي الدنيا أيضًا (٥).

وقد تضمن الحديث الحثَّ على التقليل من الدنيا، والآيات المشيرة إلى ذمها


(١) انظر "جامع العلوم والحكم" (٢/ ٢٠٦)، و"فيض القدير" (١/ ٤٨١).
(٢) انظر "جامع العلوم والحكم" (٢/ ١٧٤ - ١٧٥) فقد فصَّل الحافظ ابن رجب رحمه اللَّه تعالى ذلك أتم التفصيل.
(٣) انظر "ضعفاء العقيلي" (٢/ ٣٥٧)، و"الكامل في الضعفاء" (٣/ ٣١).
(٤) تقدم الكلام عنها (ص ٣٠٢) ولم يُذْكَر هناك أن هذا الحديث منها، فليتنبه.
(٥) أخرجه ابن منده في "مسند إبراهيم بن أدهم رحمه اللَّه" (١٧)، وابن أبي الدنيا في "مداراة الناس" (٣٣).

<<  <   >  >>