(٢) فالمراد بالحسد: الغبطة التي هي تمني مثل ما للغير، وليس المراد به حقيقته التي هي تمني زوال النعمة عن الغير؛ سواء تمنَّى انتقالها لنفسه أو لغيره، فإن قلتَ: ما وجه الحصر في هاتين الخصلتين مع أن كل خيرٍ مثله؟. . أجيب بأن الحصر عير مرادٍ، وإنما المراد: قابلة ما في طباع الشخص بالضدِّ؛ فإن طبع الإنسان إذا رأى غيره يجمع المال. . يحسده؛ ليكون مثله، فإذا رأى غيره يعطي أحدًا. . يذمه؛ ليكون مثله، فالطباع تحسد بجمع المال وتذم ببذله؛ أي: إعطائه، فبين الشرع عكس الطبع، فكأنه قال: لا حسد إلا فيما تذمون عليه، ولا مذمة إلا فيما تحسدون عليه. ووجه الجمع للخصلتين اللتين في الحديث: أن المال يزيد بالإنفاق ولا ينقص، قال تعالى: {وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}، وقال صلى اللَّه عليه وسلم: "ما نقص مالٌ من صدقة"، والعلم المعبَّر عنه بالحكمة يريد أيضًا بالإنفاق منه؛ أي: بتعليمه. اهـ هامش (غ) (٣) انظر "شرح ديوانه" للعكبري (١/ ١٨٥).