للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واقتصر عليها؛ لأن ما سواها فرعٌ عليها، وراجعٌ إليها؛ لأنه إذا قامت الصورة البدنية والمعنوية. . فلا حاجة إلى غير ذلك، وقيامهما بتلك الثلاثة لا غير، ولكون حرمتها هي الأصل والغالب لم يحتج إلى تقييدها بما إذا لم يعرض ما يبيحها شرعًا كالقتل قودًا، وأخذ مال المرتد فيئًا، وتوبيخ المسلم تعزيرًا، ونحو ذلك.

وقوله في رواية: "إلا بحقها" لمزيد الإيضاح والبيان، وأخذ بعضُ الصحابةِ حبلَ آخرٍ، ففزع، فقال صلى اللَّه عليه وسلم: "لا يحل لمسلمٍ أن يروع مسلمًا" رواه أبو داوود (١).

وروى أحمد وأبو داوود والترمذي: "لا يأخذ أحدكم عصا أخيه لاعبًا جادًا" (٢) أي: لا يأخذ متاعه ليغيظه؛ لأنه حينئذٍ وإن كان لاعبًا في مذهب السرقة هو جادٌّ في إدخال الأذى والروع عليه.

وفي "الصحيحين" وغيرهما: "لا يتناجى اثنان دون الثالث؛ فإنه يحزنه" (٣) وفي رواية: "فإن ذلك يؤذي المؤمن واللَّه يكره أذى المؤمن" (٤).

وروى أحمد: "لا تؤذوا عباد اللَّه، ولا تعيروهم، ولا تطلبوا عوراتهم؛ فإن من طلب عورة أخيه المسلم. . طلب اللَّه عز وجل عورته حتى يفضحه في بيته" (٥).

(رواه مسلم) وهو حديثٌ كثير الفوائد، عظيم العوائد، مشيرٌ إلى جُلِّ المبادئ والمقاصد، بل هو عند تأمل معناه وفهم مغزاه حاوٍ لجميع أحكام الإسلام منطوقًا ومفهومًا، ومشتملٌ على جميع الآداب أيضًا إيماءً وتحقيقًا.

وقول ابن المديني: في بعض رواته مجهولٌ. . غيرُ مسلَّمٍ له، أو أراد أنه مجهول الاسم؛ فإنه لا يعرف إلا بكنيته، ومن ثم وهم فيه الثوري.


(١) سنن أبي داوود (٥٠٠٤) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى رحمه اللَّه، عن أصحاب محمد صلى اللَّه عليه وسلم.
(٢) مسند الإمام أحمد (٤/ ٢٢١)، وسنن أبي داوود (٥٠٠٣)، وسنن الترمذي (٢١٦٠) عن سيدنا يزيد بن السائب رضي اللَّه عنه.
(٣) صحيح البخاري (٦٢٩٠)، وصحيح مسلم (٢١٨٤) عن سيدنا ابن مسعود رضي اللَّه عنه.
(٤) عند الترمذي (٢٨٢٥) عن سيدنا ابن مسعود رضي اللَّه عنه.
(٥) مسند الإمام أحمد (٥/ ٢٧٩) عن سيدنا ثوبان رضي اللَّه عنه.

<<  <   >  >>