للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما قال له عمر: يا رسول اللَّه؛ أنت أحب إليَّ من كل شيءٍ إلا من نفسي، فقال: "حتى من نفسك" فسكت ساعةً، ثم قال: حتى من نفسي، فقال: "الآن يا عمر" (١).

ولما صدقت محبة الصحابة رضوان اللَّه تعالى عليهم له صلى اللَّه عليه وسلم، وكان هواهم تبعًا لما جاء به. . قاتلوا معه آباءهم وأبناءهم، حتى قتل أبو عبيدة أباه؛ لإيذائه لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وتعرَّض أبو بكر لولده عبد الرحمن رضي اللَّه تعالى عنهما يوم بدرٍ ليقتله.

فالواجب على كل مؤمنٍ أن يحب ما أحبه اللَّه تعالى محبةً توجب له الإتيان بما وجب عليه منه، فإن زادت محبته حتى أتى بمندوبه أيضًا. . كان أكمل، وأن يكره ما كرهه اللَّه تعالى كراهةً توجب كفه عما حُرِّم عليه منه، فإن زادت الكراهة حتى أوجبت الكف عما كرهه تنزيهًا. . كان أفضل، وجميع المعاصي إنما تنشأ من تقديم هوى النفس على محبة اللَّه ورسوله: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ}، وكذلك البدع؛ إنما تنشأ من تقديم الهوى على الشرع؛ ولهذا يسمى منتحلوها أهل الهوى (٢).

* * *


(١) أخرجه البخاري (٦٦٣٢) عن سيدنا عبد اللَّه بن هشام رضي اللَّه عنه.
(٢) في نسخ عدة: (أهل الأهواء).

<<  <   >  >>