للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحده بأن لم يكن له عمل خير غيره. . فقد أتى بأعظم أسبابها، لكنه تحت المشيئة، وعلى كلٍّ فمآله إلى الجنة (١).

وأما من كمل توحيده وإخلاصه وقام بشرائطه وأحكامه. . فإنه يُغفَر له ما سلف من ذنوبه، ولا يدخل النار إلا لتَحِلَّة القسم (٢)؛ فقد أخرج أحمد: "لا إله إلا اللَّه لا تترك ذنبًا ولا يسبقها عمل" (٣).

(رواه الترمذي) بتثليث الفوقية، وكسر الميم أو ضمها، وإعجام الذال (رحمه اللَّه) تعالى (وقال: حديث صحيح) (٤) وفي نسخة: (حسن) وفي أخرى: (حسنٌ غريبٌ لا نعرفه إلا من هذا الوجه) وعلى كلٍّ: فسنده لا بأس به، وقد أخرجه أحمد وأبو عوانة أيضًا في "مسنده الصحيح" من حديث أبي ذر (٥)، والطبراني عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما (٦)، ووَقْفُه في بعض الطرق لا يؤثر؛ لأن مع الرافع زيادةَ علمٍ.

وفيه بشارةٌ عظيمةٌ، وما لا يُحصى من أنواع الفضل والامتنان، وهو نظير الحديث الصحيح أيضًا: "واللَّهِ؛ للَّهُ أفرح بتوبة عبده من أحدكم بضالته لو وجدها" (٧)، والحديث الحسن: "لولا أنكم تذنبون. . لخلق اللَّه خلقًا يذنبون فيغفر لهم" (٨)، وفي التنزيل: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنوبَ جمَيعًا} أي: إلا الشرك؛ للآية السابقة، وهذا


(١) في بعض النسخ: (وعلى كل حالٍ فمآله).
(٢) قوله: (إلا لتحلَّة القسم) مصدر: حللت اليمين تحليلًا وتحلّة؛ أي: أبررتها، يريد: إلا قدر ما يبر اللَّه قسمه فيه، وهو قوله عز وجل: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَرِدُهَا} فإذا مرَّ بها وجاوزها. . فقد أبو قسمه، وقيل: ليس في قوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَرِدُهَا} قسم فتكون له تحِلَّة، ولكن معناه: إلا التعزير الذي يصيبه منه مكروه؛ من قول العرب: (ضربه تحليلًا، وضربه تعزيرًا) إذا لم يبالغ في ضربه، والأول أصح، وموضع القسم مردودٌ إلى قوله: {فَوَرَبِكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ}. وقيل: القسم فيه مضمر، معناه: وإن منكم واللَّه إلا واردها، واللَّه تعالى أعلم. اهـ. "مدابغي"
(٣) مسند الإمام أحمد (٦/ ٤٢٥) عن سيدتنا أم هانئ رضي اللَّه عنها.
(٤) في أكثر النسخ: (حديث حسن صحيح)، وفي نسخ المتن: (حديث حسن).
(٥) مسند الإمام أحمد (٥/ ١٦٧)، وأبو عوانة في "البر والصلة" كما في "إتحاف المهرة" (١٤/ ١٩٥).
(٦) المعجم الكبير (١٢/ ١٦).
(٧) أخرجه مسلم (٢٦٧٥) عن سيدنا أبي هريرة رضي اللَّه
(٨) أخرجه مسلم (٢٧٤٨)، والترمذي (٣٥٣٩) عن سيدنا أبي أيوب رضي اللَّه عنه.

<<  <   >  >>