للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(للَّه) أي: مملوك ومستحق له ومختص به، كما أفادته الجملة (١)؛ إذ المسند إليه إذا كان معرَّفًا بـ (لام) الجنس. . يفيد قصره على المسند وعكسه، واختصاص الجنس يوجب اختصاص جميع أفراده به تعالى؛ لأن ثبوت فردٍ منه لغيره ينافي اختصاص الجنس به أو استحقاقه إياه؛ لوجوده في ضمن ذلك الفرد، وحينئذٍ ساوت (أل) الجنسية هنا (أل) الاستغراقية الدالة على ثبوت كل فردٍ من أفراد الحمد لهُ تعالى واختصاصه به.

وقرنَ الحمد بالجلالة الدالة على استجماعه تعالى لصفات الكمال، واستحقاقِهِ الحمد لذاته؛ لئلا يتوهم اختصاصه بصفةٍ دون أخرى.

(رب) أي: مالك، أو سيِّد، أو مصلح، أو مربي، أو خالق، أو معبود، ويختص المحلى بـ (أل) دون المضاف بالله تعالى، وقول الجاهلية للملك من الناس: (الرب) من كفرهم، ويطلق أيضًا على الصاحب والثابت.

ثم قيل: هو وصفٌ، فعليه: وزنه فَعِل (٢)، وقيل: فاعل؛ أي: راب، وحذفت ألفةُ لكثرة الاستعمال، ورُدَّ: بأنه خلف الأصل، وقيل: هو مصدرٌ بمعنى فاعِل، كـ (عدل) و (صوم).

واعلم: أن وجوه تربيته تعالى لخلقه لا يحيط بها غيره سبحانه وتعالى:

فمنها: تربيته النطفة إذا وقعت في الرحم حتى تفسير علقةً، ثم مضغةً، ثم يصير منها عظامٌ، وغضاريف، ورباطاتٌ، وأوتارٌ، وأوردةٌ، وشرايين، ثم يتصل بعضها ببعضٍ، ثم يصير في كلٍّ قوةٌ خاصةٌ؛ كالنظر والسمع والنطق، فسبحان من بصَّر بشحمٍ، وأسمعَ بعظمٍ، وأنطقَ بلحمٍ.

ومنها: أن الحبَّة إذا دفنت في الأرض وحصل لها نداوة. . انتفخت (٣)، ثم لا تنشق مع عموم الانتفاخ لها إلا من أعلاها وأسفلها، فيخرج من الأعلى الجزء


(١) في (غ): (الجملة الاسمية).
(٢) أي: صفةٌ مشبهةٌ، وزنه (فَعِلٌ) بكسر العين، أصله: (رَبِب) ثم أُدغم.
(٣) في (ك) و (ي): (أن الحبة إذا وقعت بالأرض فحصل. . .).

<<  <   >  >>