للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأقوال فيه وأجمعها: أنه الدائم القائم بتدبير خلقه وحفظه؛ قال اللَّه تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} الآيةَ، ويقال فيه: قيَّام وقَيِّم، وبهما قُرئ شاذًا (١).

(السماوات) جمع سماء؛ وهي: الجِرم المعهود، ويُطلق لغةً على كل مرتفعٍ.

(والأرَضين) بفتح الراء وقد تسكَّن، وجَمَعَها -وإن كان خلف ما في الآيات- إشارةً إلى أن الأصح: أنهنَّ سبعٌ؛ لقوله تعالى: {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} أي: عددًا لا هيئةً وشكلًا فقط، خلافًا لمن زعمه؛ للحديث المتفق عليه: "من ظلم قِيد شبرٍ -بكسر القاف؛ أي: قدر شبر-. . طُوِّقه من سبع أرضين" (٢).

وزَعْمُ أن المراد سبعٌ من سبع أقاليم خروج عن الظاهر بغير دليل، على أن الأصل في العقوبات المماثلة، ولا تتم إلا إن طُوِّق الشبر من سبع طبقات الأرض، وفي حديث البيهقي: "اللهم؛ رب السماوات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن" (٣)، وجَمْعُها بالياء والنون شاذٌّ، قيل: وحكمته: أن يكون عوضًا عما فاتها من ظهور علامة التأنيث.

(مدبر) مصرِّف أمور (الخلائق) أي: المخلوقات بحسب ما تقتضيه حكمته البالغة، ومن عبَّر بالمصلحة. . أراد التدبير الدنيوي؛ لأن عموم رحمته تعالى اقتضت إقامة المصالح الدنيويةِ على المؤمن والكافر، لا الأخروي (٤)؛ لأن غاية الكفار النارُ المؤبدة عليهم، فالمدبِّر: العالم بأدبار الأمور وعواقبها، ومقدر المقادير ومجريها.

وحملُ (الخلائق) على أنه جمع (خليقة) بمعنى الطبع خلافُ الظاهر.

(أجمعين) تأكيدٌ ناصٌّ على شمول تدبيره تعالى لكل مخلوق.

(باعث) مرسل (الرسل) جمع رسول؛ وهو: إنسانٌ حرٌّ ذكرٌ من بني آدم، أُوحي إليه بشرعٍ وأُمر بتبليغه، سواء كان له كتالب أنزل عليه ليبلغه -ناسخًا لشرع من


(١) انظر "البحر المحيط" لأبي حيان (٢/ ٢٧٧)، وانظر "معجم القراءات القرآنية" (١/ ١٩٥).
(٢) البخاري (٢٤٥٣)، مسلم (١٦١٢) عن أم المؤمنين سيدتنا عائشة رضي اللَّه عنها.
(٣) سنن البيهقي الكبرى (٥/ ٢٥٢) عن سيدنا صهيب رضي اللَّه عنه.
(٤) قوله: (لا الأخروي) بالنصب عطفأ على (الدنيوي). وفي نسخ: (لا الأخرويةِ) بالجر عطفًا على (الدنيوية) اهـ "مدابغي"

<<  <   >  >>