للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما جاء عن محمود بن الربيع الأنصاري؛ أنه سمع عتبان بن مالك الأنصاري رضي الله عنه - وكان ممن شهد بدراً مع رسول الله - يقول: " كنت أصلي لقومي ببني سالم، وكان يحول بيني وبينهم واد إذا جاءت الأمطار، فيشق علي اجتيازه قبل مسجدهم، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: إني أنكرت بصري، وإن الوادي الذي بيني وبين قومي يسيل إذا جاءت الأمطار، فيشق علي اجتيازه، فوددت أنك تأتي فتصلي من بيتي مكانا أتخذه مصلى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سأفعل". فغدا علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه بعدما اشتد النهار، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأذنت له، فلم يجلس حتى قال: " أين تحب أن أصلي من بيتك؟ ". فأشرت له إلى المكان الذي أحب أن أصلي فيه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكبر، وصفننا وراءه، فصلى ركعتين، ثم سلم وسلمنا حين سلم، فحبسته على خزير يصنع له ... " الحديث. أخرجه البخاري. (١)

وبوب البخاري: " باب صلاة النوافل جماعة، ذكره أنس وعائشة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم "، ثم ساق بسنده حديث محمود بن الربيع مطولاً.

قلت: أما حديث أنس الذي أشار إليه؛ فهو الذي قدمته قبل قليل، وفيه: " وصففت واليتيم وراءه ... ".

أما حديث عائشة؛ فأشار به إلى صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم صلاة قيام الليل


(١) حديث صحيح.
أخرجه البخاري: في مواضع منها في (كتاب التهجد، باب صلاة النوافل جماعة، حديث رقم ١١٨٥)
فائدة: قال ابن حجر في "فتح الباري" (٣/٦٢) في كلامه على فوائد هذا الحديث: " وفيه ما ترجم له هنا، وهو صلاة النوافل جماعة، وروى ابن وهب عن مالك: أنه لا بأس بأن يؤم النفر في النافلة، فأما أن يكون مشتهراً ويجمع له الناس؛ فلا، وهذا بناء على قاعدته في سد الذرائع لما يخشى من أن يظن من لا علم له أن ذلك فريضة، واستثنى ابن حبيب من أصحابه قيام رمضان لاشتهار ذلك من فعل الصحابة ومن بعدهم رضي الله عنهم". اهـ.

<<  <   >  >>