للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتعظيم لله، ورغبة فيما عنده، وتشرف واعتزاز بمقابلته جل وعلا، فوقف أمام ربه مالك الملك وقفة أخشع وأخضع من وقفته أمام حاكم من حكام الدنيا فصلاها وهو حاضر القلب متلذذٌ بالحظوة والوقوف بين يدي الله الملك العلام متشرفٌ بذلك أعظم مما يتشرف ويفرح لو حظي بمقابلة حاكم عظيم.

فهذا ينطبع بحب الله وتعظيمه في تكرر هذه الوقفات الجليلة أعظم مما ينطبع حاشية السلطان المكثرون من الاتصال به، فتندفع جوارحه إلى طاعة الله ويرهب من معصيته ويقوم بتنفيذ أحكامه وتطبيق حدوده في كتابه والانتصار لدينه وقمع المفتري عليه وبغض المنحرف عنه.

فلهذا كانت الصلاة من أعظم الأدوية للقلوب والمروحات لها وللأبدان فشأنها في تفريح القلب وتقويته وابتهاجه أكبر شأن، وفيها من اتصال القلب والروح بالله وقربه والتنعم بذكره والابتهاج بمناجاته والوقوف بين يديه واستعمال جميع بدنه وقواه وآلاته في عبوديته، وإعطاء كل عضو حقه منها واشتغاله عن التعلق بالمخلوق وملابسته ومجاورته وانجذاب قوى قلبه وجوارحه إلى ربه وفاطره، وحصول راحته من أعدائه الشياطين حالة الصلاة، مما تكون به من أكبر الأدوية والمفرحات وأجلّ الأغذية الملائمة للقلوب الصحيحة فقط.

وأما القلوب المريضة المعتلة فهي كالأبدان المريضة لا تناسبها الأغذية الفاضلة ولا تستطيب الحلو كما قال الشاعر:

<<  <   >  >>