وإذا سلموا من ذلك وكان الحكم للعقل الصريح حكم بما ذكرناه آنفا، مؤيداً لما جاءت به الشريعةـ ثم إذا تشرفت العقول والأرواح بتقبل شريعة الله حصل لها الكمال المطلق الصحيح الذي تزكوا به النفوس ويحصل به الفرقان من نور هداية الله ومدده وتوفيقه فتبصر الحقائق على ما هي عليه لأنها تكون على بينة من ربها بهدايته لها إلى الصراط المستقيم وإمدادها بالعلم والحكمة فتندفع إلى الطاعات وتنزجر عن المحظورات على بصيرة وعن حب وتعظيم لله وخوف كامل ومراقبة صحيحة، فنتجوا تلك العقول من الصرع الحسي والمعنوي وتتحرر من رق الهوى والشهوات وعبودية الأشخاص والمذاهب المادية فأولئك أهل لتلك الحياة الطيبة التي لا يتعاطون فيها ما يضرهم في دينهم ودنياهم، زد على هذا، ما يربحونه من اتباع الشريعة والتأدب بآدابها والتزام فرائض الله وحفظ حدوده مما يضمن لهم السعادة في الدارين.
وقد قدمنا أن جميع ما أمر به الله من قول وفعل من سائر العبادات فيه مصلحة لبدن ابن آدم وعقله وروحه؛ فضلاً عن مزيد الثواب ورفعة الدرجات عند الله، فضلاً عما يكسبونه في الدنيا من السؤود والنصر والعزة والسلطان، ولتأت من ذلك على أمثلة فنقول: