اعلم أن الاستعارة هو أن يستعار الشيء المحسوس للشيء المعقول، كما قال الله سبحانه وتعالى:" لا تظلمون فتيلا "، " ولا يظلمون نقيرا " و " ما يملكون من قطمير ".
والاستعارة أوكد في النفس من الحقيقة، وتفعل في النفوس مالا تفعله الحقيقة، وقوله: فتيلا، أنفى للكثير والقليل من قوله: شيئاً. وقوله تعالى:" واخفض لهما جناح الذل من الرحمة "، و " إنه في أم الكتاب "، " واشتعل الرأس شيباً "، " نسلخ منه النهار "، " عذاب يوم عقيم ".
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:" ضموا مواشيكم حتى تذهب فحمة العشاء " وقال علي عليه السلام لبعض عماله: أرغب راغبهم، وأحلل عقدة الخوف عنهم وقال عليه وآله السلام:" اتسع نطاق الإسلام، فلا حاجة إلى الكحل والخضاب ". وكتب علي عليه السلام إلى الخوارج فقال: الحمد لله الذي فض خدمتكم وفرق كلمتكم.
وقال عليه السلام لعبد الله بن وهب الخارجي في كلامه:" لا خير في الرآي الفطير، والكلام القضيب، إن عيون الرأي يكشف عن فصه، والفكرة مخ العمل ". فأبدع عليه السلام في هذه الكلمات الأربع، ولو قال: لب العمل لم يكن بديعاً.