فلا يدري متى يجب عليه التوقف والسؤال، ولو قال لا أقدم العلم ولكني أصبر إلى أن تقع لي الواقعة فعندها أتعلم وأستفتي، فيقال له: وبم تعلم وقوع الواقعة مهما لم تعلم جمل مفسدات العقود فإنه يستمر في التصرفات ويظنها صحيحة مباحة فلا بد له من هذا القدر من علم التجارة ليتميز له المباح عن المحظور وموضع الإشكال عن موضع الوضوح ولذلك روي عن عمر - رضي الله عنه - أنه كان يطوف السوق ويضرب بعض التجار بالدرِّة ويقول لا يبيع في سوقنا إلا من يفقه وإلا أكل الربا شاء أم أبى] إحياء علوم الدين ٢/ ٦٦.
وقال الشوكاني:[التفقه في الدين مأمور به في كتاب الله عز وجل، وفي صحيح الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس ذلك بخاص بنوع من أنواع الدَّين، بل في كل أنواعه، فيندرج تفقه التاجر للتجارة تحت الأدلة العامة ولا شك أن أنواع الدَّين تختلف باختلاف الأشخاص دون بعض، فمثلاً التاجر المباشر للبيع والشراء أحوج لمعرفة ما يرجع إلى ما يلابسه من غيره ممن لا يلابس البيع إلا نادراً] وبل الغمام ٢/ ١٢٢.
وقال ابن عابدين:[ ... وفي تبيين المحارم: لا شك في فرضية علم الفرائض الخمس وعلم الإخلاص؛ لأن صحة العمل موقوفة عليه وعلم الحلال والحرام ... وعلم البيع والشراء والنكاح والطلاق لمن أراد الدخول في هذه الأشياء] حاشية ابن عابدين ١/ ٤٢.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: [تعلم الفقه قد يكون فرض عين على المكلف كتعلمه ما لا يتأدّى الواجب الذي تعين عليه فعله إلا به، ككيفية الوضوء والصلاة، والصوم ونحو ذلك، وعليه حمل بعضهم الحديث المروي عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (طلب العلم فريضة على كل مسلم) ... أما البيوع والنكاح وسائر المعاملات مما لا يجب أصله فيتعين على من يريد شيئاً من ذلك تعلم أحكامه ليحترز عن الشبهات والمكروهات، وكذا كل أهل الحرف، فكل من يمارس عملاً يجب عليه تعلم الأحكام المتعلقة به ليمتنع عن الحرام] الموسوعة الفقهية الكويتية ٣٢/ ١٩٤ - ١٩٥.
فيجب على التاجر المسلم أن يتعلم أحكام البيع والشراء وما يتعلق بالربا حتى يتجنبه ونحو ذلك من الأحكام الأساسية.
وهذا الواجب ينبغي أن يكون قبل الخوض في التجارة فإن العلم قائد والعمل تابع وخاصة أن كثيراً من التجار والباعة في أسواقنا هم من العامة الذين لا يعرفون معظم أحكام البيع والشراء، وقد كان عمر - رضي الله عنه - يأمر التجار بالتفقه في أحكام البيع والشراء، فقد روى الترمذي أن عمر بن