للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما الأحاديث التي استدل بها المانعون من القيام فالجواب عنها كالتالي:

أما حديث أنس الأول: «لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا، لما يعلمون من كراهته لذلك». فيجاب عنه: بأن هذا كان حقاً له -صلى الله عليه وسلم- وقد تركه، وتنازل عنه تواضعاً منه وشفقة على أصحابه.

وأما حديث: «من أحبّ أن يمثل له عباد الله قياماً، فليتبوأ مقعده من النار»، فأجيب عنه بعدة أجوبة، منها: أن المقصود به أن يأمرهم بذلك ويلزمهم به تكبراً (١)، كما يفعل بعض المدرسين عندما يأمر طلبته بالقيام له إذا حضر! فهذا أقل ما يقال فيه الكراهة الشديدة، كما رجح الشيخ ابن باز رحمه الله (٢).

ومنها: أن المنهي عنه محبة المرء قيام الناس له، فلو لم يخطر بباله فقاموا له أو لم يقوموا فلا لوم عليه، فإن أحب ارتكب التحريم سواء قاموا أو لم يقوموا، فلا يصح الاحتجاج به لترك قيام الرجل لأخيه إذا سلم عليه.

ومنها: أن النهي يقصد به أن يقوم الرجال على رأسه أو عن جانبيه طول جلوسه، تكبراً وإذلالاً للناس، كما يفعل بعض الملوك والأمراء.

وأما استدلالهم بحديث: «لا تقوموا كما تقوم الأعاجم، يعظم بعضها بعضاً»، فقد تقدم أنه ضعيف الإسناد، وعلى فرض صحته فالجواب عنه كالحديث السابق: أن النهي يقصد به أن يقوم الناس على رأسه، وهو قاعد


(١) «معالم السنن» ٤/ ١٥٥.
(٢) «مجموع فتاوى» ابن باز ٢٤/ ٥٤.

<<  <   >  >>