للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أرضهم وبلادهم متى شاء، فإن أهل الذمة الذين يُقرون بالجزية لا يجوز إخراجهم من ديارهم ما داموا مُلتزمين لأحكام الذمة، فكيف إذا رُوعي جانبهم بإسقاط الجزية، وأُعفوا من الصّغَار الذي يلحقهم بأدائها، فأي صغَار بعد ذلك أعظم من نفيهم من بلادهم، وتشتيتهم في أرض الغُربة، فكيف يجتمع هذا وهذا؟!.

العاشر: أن هذا لو كان حقًّا؛ لما اجتمع أصحاب رسول الله ﷺ، والتابعون، والفقهاء كلهم على خلافه، وليس في الصحابة رجل واحد قال: لا تجب الجزية على الخيبرية، ولا في التابعين، ولا في الفقهاء، بل قالوا: أهل خيبر، وغيرهم في الجزية سواء، [وعرّضوا] (١) بهذا الكتاب المكذوب، وقد صرّحوا بأنه كذب، كما ذَكر ذلك الشيخ أبو حامد، والقاضي أبو الطيب، والقاضي أبو يعلى، وغيرهم.

وذكر الخطيب البغدادي هذا الكتاب، وبيّن أنه كَذب من عِدَّة وُجوه (٢)، وأُحضر هذا الكتاب بين يَدي شيخ الإسلام، وحَوله اليهود يَزفونه ويُجلونه، وقد غُشّي بالحرير والديباج، فلما فتحه وتأمله بَزَق عليه، وقال: هذا كذب من عِدّة أوجه، وذكرها. فقاموا من عنده بالذل والصغار.


(١) في الأصل: "عرضوا"، والتصويب من نسخة المعلمي.
(٢) انظر: طبقات الشافعية الكبرى (٣/ ١٤)، البداية والنهاية (١٢/ ١٠١ - ١٠٢)، وقال ابن كثير بعد أن أورد جواب الخطيب البغدادي: "وقد سُبق الخطيب إلى هذا النقد، سبقه محمد بن جرير، كما ذكرت ذلك في مصنف مفرد"، الإعلان بالتوبيخ (ص ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>