للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طبيعة المعاني القرآنية ليست كلها مما يدرك بالذكاء وصدق الفراسة فمن ذلك:

أ - أنباء الماضي لا سبيل إليها إلا بالتلقي والدراسة:

ففي القرآن جانب كبير من المعاني النقلية البحتة , التي لا مجال فيها للذكاء والاستنباط، ولا سبيل إلى علمها لمن غاب عنها إلا بالدراسة والتلقي والتعلم؛ ماذا يقولون فيما قصه علينا القرآن من أنباء ما قد سبق وما فصله من تلك الأنباء على وجهه الصحيح كما وقع؟ أيقولون: إن التاريخ يمكن وضعه أيضاً بإعمال الفكر ودقة الفراسة؟ أم يخرجون إلى المكابرة العظمى فيقولون إن محمداً قد عاصر تلك الأمم الخالية، وتنقل فيها فشهد هذه الوقائع مع أهلها شهادة عيان، أو أنه ورث كتب الأولين وعكف على دراستها حتى أصبح من الراسخين في علم دقائقها؟ إنهم لا يسعهم أن يقولوا هذا ولا ذاك، لأنهم معترفون مع العالم كله بأنه (لم يكن من أولئك ولا من هؤلاء {وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم} [سورة آل عمران الآية: ٤٤] ، {وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون} [سورة يوسف الآية: ١٠٢] ، {وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر} [سورة القصص الآية: ٤٤] ، {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخُطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون} [سورة العنكبوت الآية: ٤٨] ، {تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا} [سورة هود الآية: ٤٩] ، {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين} [سورة يوسف الآية: ٣] .

لا نقول إن العلم بأسماء بعض الأنبياء والأمم الماضية , وبمجمل ما جرى من حوادث التدمير في ديار عاد وثمود وطوفان نوح

<<  <   >  >>