وكذلك العبد ما لم تشرق فى قلبه شمس الرسالة، ويناله من حياتها وروحها، فهو في ظلمة وهو من الأموات قال الله تعالى:(أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشى به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها (فهذا وصف المؤمن، كان ميتا فى ظلمة الجهل فأحياه الله بروح الرسالة ونور الإيمان، وجعل له نورا يمشى به فى الناس، وأما الكافر فميت القلب (في الظلمات) ، وسمى الله تعالى رسالته روحاً، والروح إذا عدم فقد فقدت الحياة قال الله تعالى: (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدى به من نشاء من عبادنا (فذكر هنا الأصلين وهما الروح والنور، فالروح الحياة، والنور النور.
وحاجة العبد إلى الرسالة أعظم بكثير من حاجة المريض الى الطب، فإن آخر ما يقدر بعدم الطبيب موت الأبدان، وأما إذا لم يحصل للعبد نور الرسالة وحياتها مات قلبه موتا لا ترجى الحياة معه أبدا، أو شقي شقاوة لا سعادة معها أبدا، فلا فلاح إلا باتباع الرسول، فان الله خص بالفلاح أتباعه المؤمنين وأنصاره، كما قال تعالى: (فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون (أي لا مفلح إلا هم، فعلم بذلك أن الهدى والفلاح دائر حول ربع الرسالة وجودا وعدما، وهذا مما اتفقت عليه الكتب المنزلة من السماء، وبعث به جميع الرسل.
ولهذا قص الله علينا أخبار الأمم المكذبة للرسل، وما صارت إليه عاقبتهم، وأبقى آثارهم وديارهم عبرة لمن بعدهم وموعظة،