للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكاد يسلم - بعد هذه الطعون الفصلة - بالعجز على الرد المفصل القوي، مما يذكرنا بما قيل عن الرازي أنه - مع علمه وفضله - كان يذكر الطعون مفصلة ولا يورد معها - أحيانا - ما يكافئها من الجواب، مما فتح مجالا أمام متبعي الشبهات للاستدلال على طعونهم بما أورده الرازي ولم يفلح - مع كبير علمه - في الرد المقنع عليه.

والحقيقة أن هذه الطعون - التي عرض لها خلف الله في سياق نظريته السابقة - لا تقوم في مجموعها أو تفصيلاتها كمستند للطعن في شيء من القرآن الكريم، وسيكون ردنا عليها نقضاً لكل من يستدل بها وذلك على النحو التالي:

(أ) فيما يتصل بكلام الهدهد والنملة - فقد أصبح من المقطوع به الآن عند العلماء الذين يدرسون سلوك أنواع الطير والحيوان والحشرات، أن لكل منها لغة تقوم مقام اللغة المعهودة عند البشر، في التعبير ونقل الأحاسيس والمعارف، على نحو ما ماتزال تفاصيله مجهولة من البشر، لكن المقطوع به من شواهد كثيرة جداً أن لكل منها نوعاً من اللغة يتم به الأتصال بين أفراده، وقد سجل بعض العلماء تسجيلات صوتية لأنواع من الطيور في حالة الفزع نقلت إليهم - في غاية من الوضوح - هذه المشاعر والمعاني (١) .

فلم يعد يشك الآن في أن كل نوع من الأحياء له لغة خاصة بأفراده، وهذا أمر واضح لكل من يراقب سلوك الطيور والحشرات، بل إن بعض العلماء يذهبون إلى أن أنواع النبات هي الأخرى تملك لغة واتصالاً فيما بينها، على نحو ما - مما لا يتسع المجال لتقرير القول فيه، ولا يتطلبه.


(١) وقد استخدم هذا تجريبيا في زجر الطير لاقط الحب عن أماكن هذه الحبوب باذاعة تسجيلات التحذير والفزع.

<<  <   >  >>