للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فما العجب بعد هذا من أن تتكلم النملة، ويتكلم الهدهد، بكلام يفهمه سليمان عليه السلام لأنه - كما ورد في القرآن الكريم - علم منطق الطير وأوتي من كل شيء (النمل ١٦) (١) ؟ أما أنهم تكلموا بكلام يدل على شيء من العقل فإن من يراقب سلوك الطير والحشرات فسوف يدرك بغاية من الوضوح أن سلوكهم يجرى على نظم من الوعى والتدبير والعمل من أجل غايات تهديهم إليها غرائزهم وفطرهم، وعلى المعاند في هذا أن يقراء شيء عن سلوك الحشرات والطيور في كتب العلم التجريبي، وسوف يذهله ما يقرأ، وعليه أن يراقب العمل والنطام في (مملكة النحل) أو في (عالم النمل وقراه التي ينشئها) .. وليس ذلك كله إلا مصدقاً لقوله تعالي {ربنا الذي أعطي كل شيء خلقه ثم هدى} [طه: ٥٠] وقوله: {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون} [الأنعام: ٣٨] ، وهو الذي تدل عليه بحق كافة مشاهدات العلماء المحققين. والمتشكك في ذلك إنما هو المستحق لسخرية الساخرين! فما العجب إذن في أن تتكلم نملة ويتكلم هدهد؟ وما العجب في أن يفهم عنهما من عرف لغة كل منهما؟

ولا يجر ذلك - كما زعم الملاحدة الطاعنون - إلي شيء من السفسطة التي ذكروها، فلم يقل القرآن الكريم بشيء من ذلك، إنما قال بما تدل عليه ملاحظة هذه الأنواع، وهو أن لها منطقاً، أما علم الهندسة، والنحو، والتكاليف، والمعجزات؛ فإنما هو من قول الملاحدة الذي يرد عليهم، لأننا لا نحمل القرآن الكريم إلا ما نطق به لا ما قام في أوهام الملاحدة.


(١) والعلماء الآن يحاولون التعرف على منطق بعض الطير.

<<  <   >  >>