للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يفتح باب التجرؤ على العبث في كتاب الله تعالى الذي (لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت: ٤٢).

من هنا كان واجب التصدي لمثل هذا العمل وإبرازه للعباد بين الفينة والفينة انتصارًا لكتاب الله تعالى وردًا لمطاعن الطاعنين والمشككين في كتاب رب العالمين من سائر أعداء الملة والدين من الذين لا يهدأ لهم بال ولا يقر لهم قرار ولا يتوقفون عن الطعن في كتاب الله تعالى ويعملون ويسعون في ذلك ليل نهار عبر الزمان والمكان، ورد سهامهم في نحورهم لينقلبوا إلى أهلهم خاسرين ويندحروا خاسئين ويرجعوا إلى جحورهم ذليلين وينقلبوا صاغرين.

نعم يقومون بذلك نصحًا لله تعالى ولكتابه كما قام الصديق الأول - رضي الله عنه- وتصدى لمانعي الزكاة يوم الردة، وكما قام الإمام المبجل أحمد بن حنبل الشيباني إمام أهل السنة لكتاب الله يوم المحنة.

فكان التصدي لهؤلاء وأمثالهم وأذنابهم جميعًا من أوجب الواجبات المتحتمات على المعنين بهذا الشأن العظيم من المرابطين على ثغور الإسلام وحماته ومن الغيور على دينهم وكتاب ربهم وممن يحبون أن يشملهم وصف ربهم لهم (والذين اتبعوهم بإحسان) فيتحقق لهم وعده برضاه عنهم (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ) في قوله تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة: ١٠٠).

وذلك كله سعيًا في تحقيق وعد ربهم الذي لا يتخلف ولا يتأخر ولا يتبدل ولا يتغير أبدًا الذي قال سبحانه فيه: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر: ١٠٩)

وختامًا لهذا المبحث نسوق لطيفة للألباني - محدث العصر- رحمه الله-:

وقد وُجِهَ إليه هذا السؤال:

ما الغاية من جمع القرآن ووضعه في المصحف وهل ترتيب السور في المصحف توقيفي أو اجتهادي.؟

فكان مما أجاب عنه بعد كلام طويل-رحمه الله-: ما يلي:

" … ما أدري، لا أدري، هنا المسألة يقال فيها مسألة تعبدية لأن ترتيب القرآن ليس على حسب التاريخ، التاريخ النزولي الذي تشير إليه، هذه مسألة اختلف فيها العلماء هل هي توقيفية أم اجتهادية بعكس لما تنظم آية فتوضع في سورة، فهذا توقيفي يقينًا، أما ترتيب السور تقديمها وتأخيرها فمثلا اقرأ باسم ربك المفروض حسب السؤال المطروح آنفا أنها توضع في أول ما نزل فهي قد وضعت في آخر ما نزل، اختلفوا في هذا الترتيب للسور وليس في ترتيب الآيات في السور، ترتيب الآيات في السور توقيفي بدون أي تردد، أما ترتيب السور كما هو الآن في المصحف اختلفوا فمنهم من يقول هذا توقيفي أيضًا من

<<  <   >  >>