للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنها الحركة الدؤوب لتحقيق الهدف الواضح.

ج • عبقرية المفاوض السياسي. وحين يكون الهدف واضحا، والمفاوض مرنا ذكيا تقيا ... يمكن أن تزج به الحركة الإسلامية في هذا الخضم لا تخشى عليه- بعون الله له- أي طارئ. لقد رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب. وحين لا يتوفر مثل هذا المفاوض، فلا بد أن يحمل الوفد المفاوض هذه الصفات. فالمرونة والقدرة على تقليب الأمور، واستعراض الحلول الكثيرة، والتخلص من المآزق والمزالق. لا بد من توافرها وصفة التقوى ضمان للبقاء ضمن الإطار الشرعي الذي حدده الإسلام.

ومن جانب آخر فإن هذه الفقرة ((إن دين الله لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه)) كانت ردا على المثنى بن حارثة حين عرض على النبي صلى الله عليه وسلم حمايته على مياه العرب دون مياه الفرس. وصاحب النظرة العجلى يرى أن تفويت هذه الفرصة خطأ سياسي، لكن الذي يسبر أغوار السياسة البعيدة يرى بعد النظر الإسلامي النبوي الذي لا يسامى.

إن المثنى قد ألمح إلى أن هذا الأمر تكرهه الملوك. وإن موقع الدعوة بجوار فارس يجعلها سهلة المتناول في أي لحظة، وإن العهود والمواثيق املقيدة لشيبان تجعلهم أعجز من أن يستطيعوا حماية هذا الرسول وهذا الدين من بطش كسرى. إن التحالف مع الخصم الأقوى يكون في معظم الأحيان في مصلحة هذا الخصم. فوقع شيبان إذن من جهة غير مناسب ليكون مركزا للدعوة الجديدة، وعهود شيبان- من جهة ثانية- تشل إمكانية الحركة الإسلامية، وكراهة الملوك لهذه الدعوة التي تدعو لإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله هي من جهة ثالثة عنصر غير مشجع لوجود هذه الحركة بحيث تمس مصالحها وتوقع الاحتكاك بينها وبين الحركة

<<  <   >  >>