أساس المتن، على أساس ولو كثرت مخالفته يصبح ضعيف الضبط ينتقل حديثه إلى درجة الضعيف.
حين تنظر في هذه القاعدة ولا تنتبه إلى دلالتها على نقد المتن، وتراها أنها في ضوء نقد السند فقط، فالذي لا يُسْتَوعبُ هو المتهم وليست القاعدة، وليس جُهد علماء الأمة، الذينَ وَضَعُوا هذه المصطلحات لضبط المتن ولضبط السند، ولذلك في ضوء هذا أقول: تأتي عبارة ابن مهدي التي ذكرتها، وقلت: إنه يقول: إني لأدعو الله لقوم قد تركت حديثهم.
وهناك عبارات أخرى عن يحيى بن معين:"إنا لنطعن على رجال ربما حطوا رواحلهم في الجنة".
ورواية أخرى:"إنا لنطعن على رجال، وإنا لنرجو شفاعتهم أمام الله يوم القيامة". هذه العبارات ما مدلولها؟ مدلولها أن هؤلاء الرجال ثبتت لهم العدالة؛ لكنّ الضّبْطَ قد اختل، وهو أمر متعلق بالمتن، لم يخدعنا صلاحهم، ولم ننجرف بعواطفنا وبحبنا وبتقديرنا لصلاحهم إلى أن ننسى الرواية والمتن؛ فنُحِبُّهم لعدالتهم، لكنَّنَا نخشى على الرواية، ولذلك قالوا في وصفهم:"لهم صلاحهم وعلى الرواية غفلتهم، أو خفة ضبطهم".
لذلك هم يردون حديثهم في نفس الوقت الذين يرجون شفاعتهم أمام الله يوم القيامة، في نفس الوقت الذي يعتقدون فيه أنه ربما قد حطوا رواحلهم في الجنة، في نفس الوقت الذين يدعون الله تعالى لهم لصلاحهم لكنهم يتركون حديثهم.
أرجو أن أكون قد وفقت في بيان علاقة هذه القاعدة بنقد المتن حتى لا يتقول متقول أن علماء الحديث قد اهتموا بدراسة الإسناد دون المتن.