قاعدة أخرى تفرقتهم بين قولهم: هذا حديث صحيح أو حسن وبين قولهم: هذا حديث صحيح الإسناد، هذه أيضًا تتعلق بالمتن، حين تقول: هذا حديث صحيح الإسناد، فمعناه أنك قد اطمأننت إلى صحة الإسناد من اتصال السند، ومن عدالة الرواة، ومن ضبط الرواة، لكن هل يلزم من صحة الإسناد أن يكون المتن صحيحًا؟ لا، أنت لم تنظر في المتن، هل خلَا الحديث من الشذوذ أو العلة القادحة؟ وكثير من صور الشذوذ تكون متعلقة بالمتن، وكثير من صور العلة القادحة تكون متعلقة بالمتن أيضًا كما سنبينه.
إذن حين يضعون قاعدةً يفرقون بمقتضاها بين قولهم: هذا صحيح الإسناد، وبين قولهم: هذا حديث صحيح، فإنما ذلك من العناية بالمتن، والذي لا يفهم هو حر، ينظر إلى نفسه، لكن القاعدة واضحة، لماذا لم يقولوا: إنه حين يحكم على الحديث بأنه صحيح الإسناد تلزم صحة المتن؟ لا، وإن كان في الأعم الأغلب العلاقة بينهما واضحة، لكن أيضًا يوجد حالات قد يسلم الإسناد، ومع ذلك تبقى في المتن علة تمنع القول بصحته -كما سنبينه- لكن القاعدة الآن التي أشير إليها هي ترد على فِرية عناية المحدثين بالإسناد دون المتن.
هذا وللحديث بقية.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.