إذن، أول دلالة في الآية النداء بوصف الإيمان، ومعناها أو خلاصته: أننا لا نستحق أن ننادى بهذا الوصف إلا إذا طبقنا ما بعد النداء {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}(النساء: ٥٩)، هذه أول دلالة في الآية.
الدلالة الثانية: تكرار الفعل "أطيعوا" مع الله ومع الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وعدم تكراره مع أولي الأمر {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}(النساء: ٥٩)، وماذا يفيد هذا التكرار في القضية التي معنا الآن، والتي نحن بصددها؟ يفيد كثيرًا معناها: أن طاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- مطلوبة تماما مثل طاعة الله تعالى، فهي طاعة مساوية لطاعة الله تعالى، أما أولي الأمر فليس لهم طاعة مستقلة، إنما طاعتنا لهم مرتبطة بطاعتهم هم لله ولرسوله، فإن هم أطاعوا الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وجبت علينا طاعتهم.
لذلك كرر الفعل "أطيعوا" مع الله تعالى، ومع الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولم يكرر الفعل أطيعوا مع أولي الأمر، هذه دلالة ثانية تبين لنا أن طاعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مطلوبة تماما مثل طاعتنا لله تعالى.
الدلالة الثالثة في الآية:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}(النساء: ٥٩) علق الإيمان على رد الأمر إلى الله تعالى، وإلى رسوله -صلى الله عليه وسلم-، إن كنتم تؤمنون ماذا تفعلون؟ ردوا كل أموركم، كل أحكام حياتكم ردوها إلى الله تعالى وإلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ} أي: عند التنازع حين يكون الأمر واضحًا أمامكم، وتفهمون الكتاب والسنة طبقوه، أما إذا تنازعتم في شيء فردوه إلى الله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا ليس أمرًا اختياريًّا، بل هو أمر وجوبي، بل إن الإيمان علق عليه {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ} تفعلون ذلك، معنى ذلك: إننا إذا لم نفعل ذلك فلا يصح أن نطمع في