للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإيمان؛ ولذلك إنها قضية إيمانية، فهذه بعض الأدلة على أنها قضية إيمانية، كما أستدل على أنها قضية قرآنية، وستأتي أيضا أدلة أخرى على كونها من الإيمان؛ لأن الله تعالى علق الإيمان عليها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (النساء: ٥٩).

إذا من يرد الأمر إلى غير الله تعالى عند التنازع وإلى غير رسوله -صلى الله عليه وسلم- عليه أن يخاف على إيمانه، وعليه أن يعمل على تنقية إيمانه مما قد يعلق به من هذه المفاهيم الخاطئة التي تشوش عليه إيمانه، وتكاد تفسد عليه عقيدته والعياذ بالله.

ثم الآيات بعد هذه الآيات تتكلم عن فريقين من الناس، أو عن فريق يزعم أنه آمن بالله، وآمن بالنبي، وآمن بما أنزل إليه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} (النساء: ٦٠) هذا الزعم ماذا يقتضي؟ يقتضي أن يستجيبوا، مادمتم تقولون أنكم آمنتم بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وآمنتم بما أنزل إليه فما علامة هذا الإيمان؟ أن تلتزموا بما أمركم به، انظر إلى الآيات {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} (النساء: ٦٠) رغم زعمهم أنهم أمنوا بما أنزل إليك، وما أنزل من قبلك.

الطاغوت هنا هو كل حكم سوى حكم الله تعالى، أيا كان حكم البشر، حكم الشيطان، حكم الهوى، حكم النفس، كل ذلك طاغوت أمرنا ألا نستجيب له، بل إن الكفر بالطاغوت هو جزء من الإيمان بالله، أن نتبرأ من الطاغوت مع إيماننا بالله {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} (البقرة: ٢٥٦)، بل نقول: إنها قضية الرسل {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (النحل: ٣٦)، والنبي -صلى الله عليه وسلم- في الأحاديث الصحيحة عند البخاري ومسلم في كتاب الإيمان، وهو يعلم معاذ بن جبل -رضي الله عنه- الإيمان؛

<<  <   >  >>