للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لماذا أعرضتم وقد قلتم أنكم أمنتم بالله وبالرسول، وأطعتم؟ ولماذا عند المحك العملي رسبتم ولم تنجحوا؟ طبعا لأنها قضية زعم فقط، وكما قلنا أن الإيمان ليست قضية كلام.

{وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ} (النور: ٤٨) ولا يستجيبون للحق إلا إذا كان في مصحلتهم ومنفعتهم.

{وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ} (النور: ٤٩) خاضعين، مستجيبين، مستسلمين، فكأن ارتباطهم بقضية الإيمان إنما هو ارتباط نفعي فقط، وهذه طائفة حدثنا الله تعالى عنها في سورة الحج: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ} (الحج: ١١) والعياذ بالله. إذًا، هناك فئة ارتباطها بالإيمان ارتباط مصلحة، ارتباط منفعة، بمقدار ما يجنيه من الإيمان من ثمرات يكون إيمانه، وإذا لم يكسب من الإيمان ابتعد عنه، هذه طائفة قال الله عنها: {خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ}، إنما المؤمنون حقا تحدث الله عنهم بعد ذلك، لكن {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ} (النور: ٤٨ - ٤٩)، انظروا إلى التصنيف القرآني لمثل هذا الطوائف: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} (النور: ٥٠) مرض النفاق، مرض الكذب، والعياذ بالله، {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا} (النور: ٥٠) شكوا، {أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ} (النور: ٥٠) والعياذ بالله، اتهموا الأحكام الإلهية، والأحكام النبوية بالظلم.

في الحقيقة أي معرض عن أحكام الله تعالى، وعن أحكام النبي -صلى الله عليه وسلم- هو واحد من هذه الأصناف. {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا} (النور: ٥٠) إما في قلبه مرض الكفر لم يؤمن بالقضية من أساسها، أو مرض النفاق، أظهر الإيمان، وأبطن الكفر والعياذ

<<  <   >  >>