أيضًا في سورة الأحزاب قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب: ٧٠ - ٧١)، الفوز العظيم ليس فوزًا عاديًّا، إنما هو فوز عظيم ربطه الله تعالى بطاعة الله تعالى، وبطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
أقف مع سورة سبأ مثلًا:{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}(الأعراف: ١٥٨) وما دام -صلى الله عليه وسلم- هو رسول إلينا جميعًا، فإننا يجب علينا طاعته، وإلا لما أرسله الله لنا {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإذن اللَّهِ}(النساء: ٦٤)، لكن أيضًا سأقف مع الآيات الصريحة، وسأنتقل إلى سورة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وفيها:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}(محمد: ٣٣)، تكرار الفعل "أطيعوا" مع الله، ومع الرسول، والنداء بصفة الإيمان الذي أشرنا إليه قبل، وختام الآية ب {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}؛ للدلالة على أن مخالفة الله تعالى، ومخالفة رسوله -صلى الله عليه وسلم- تبطل الأعمال وتحبطها، وتضيعها -والعياذ بالله-، وتضيع ثمرتها ونتيجتها، ويجدها صاحبها هباء منثورًا يوم القيامة، والعياذ بالله. كل ذلك من الدلالات الخطيرة التي تبين منهج القرآن في وجوب طاعة الله -تبارك وتعالى-، وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
إذا انتقلت إلى سورة الفتح بعدها مثلًا:{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا}(الفتح: ١٧). في سورة التغابن:{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}(التغابن: ١٢) أيضًا تكرار الفعل "أطيعوا"، والنهي عن التولي، قبل ذلك في سورة المجادلة:{أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}(المجادلة: ١٣)، دعوة إلى طاعة الله تعالى، وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.