للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٥٨ - عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَبِثْتُ سَنَةً، وأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَظَاهَرَتَا عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَليه وسَلم، فَجَعَلْتُ أَهَابُهُ، فَنَزَلَ يَومًا مَنْزِلًا، فَدَخَلَ الأَرَاكَ، فَلَمَّا خَرَجَ سَأَلْتُهُ، فَقَالَ: عَائِشَةُ، وحَفْصَةُ، ثُمَّ قَالَ:

«كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَا نَعُدُّ النِّسَاءَ شَيْئًا، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلَامُ وذَكَرَهُنَّ اللهُ، رَأَيْنَا لَهُنَّ بِذَلِكَ عَلَيْنَا حَقًّا، مِنْ غَيْرِ أَنْ نُدْخِلَهُنَّ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِنَا، وكَانَ بَيْنِي وبَيْنَ امْرَأَتِي كَلَامٌ، فَأَغْلَظَتْ لِي، فَقُلْتُ لَهَا: وإِنَّكِ لَهُنَاكِ؟ ! قَالَتْ: تَقُولُ هَذَا لِي، وابْنَتُكَ تُؤْذِي النَّبِيَّ صَلى الله عَليه وسَلم؟ ! فَأَتَيْتُ حَفْصَةَ، فَقُلْتُ لَهَا: إِنِّي أُحَذِّرُكِ أَنْ تَعصِي اللهَ ورَسُولَهُ، وتَقَدَّمْتُ إِلَيهَا فِي أَذَاهُ، فَأَتَيْتُ أُمَّ سَلَمةَ، فَقُلْتُ لَهَا، فَقَالَتْ: أَعْجَبُ مِنكَ يَا عُمَرُ، قَدْ دَخَلْتَ فِي أُمُورِنَا، فَلم يَبْقَ إِلَّا أَنْ تَدْخُلَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم، وأَزْواجِهِ، فَرَدَّدَتْ، وكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنصَارِ إِذَا غَابَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم، وشَهِدْتُهُ، أَتَيْتُهُ بِمَا يَكُونُ، وإِذَا غِبْتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم، وشَهِدَ، أَتَانِي بِمَا يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم، وكَانَ مَنْ حَولَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم، قَدِ اسْتَقَامَ لَهُ، فَلم يَبْقَ إِلَّا مَلِكُ غَسَّانَ بِالشَّامِ، كُنَّا نَخَافُ أَنْ يَأْتيَنَا، فَمَا شَعَرْتُ إِلَّا بِالأَنصاريِّ، وهُو يَقُولُ: إِنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ، قُلْتُ لَهُ: ومَا هُو؟ أَجَاءَ الْغَسَّانِيُّ؟ قَالَ: أَعْظَمُ مِنْ ذَاكَ، طَلَّقَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم، نِسَاءَهُ، فَجِئْتُ فَإِذَا الْبُكَاءُ مِنْ حُجَرِهَا كُلِّهَا، وإِذَا النَّبِيُّ صَلى الله عَليه وسَلم، قَدْ صَعِدَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ، وعَلَى بَابِ الْمَشْرُبَةِ وصِيفٌ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِي، فَأَذِنَ لِي، فَدَخَلْتُ، فَإِذَا النَّبِيُّ صَلى الله عَليه وسَلم، عَلَى حَصِيرٍ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبهِ، وتَحْتَ رَأْسِهِ مِرْفَقَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوهَا لِيفٌ، وإِذَا أُهُبٌ مُعَلَّقَةٌ وقَرَظٌ، فَذَكَرْتُ الَّذِي قُلْتُ لِحَفصَةَ وأُمِّ سَلَمةَ، والَّذِي رَدَّتْ عَلَيَّ أُمُّ سَلَمةَ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم، فَلَبِثَ تِسْعًا وعِشْرِينَ لَيْلَةً ثُمَّ نَزَلَ» (١).

• وفي رواية (٢): «عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ يُحَدِّثُ قَالَ: مَكَثْتُ سَنَةً، وَأَنا أُرِيدُ أَن أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنْ آيَةٍ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَن أَسْأَلَهُ هَيبَةً لَهُ حَتَّى خَرَجَ حَاجًّا، فَخَرَجْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا رَجَعَ فَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، عَدَلَ إِلَى الأَرَاكِ لِحَاجَةٍ لَهُ، فَوَقَفْتُ لَهُ حَتَّى فَرَغَ، ثُمَّ سِرْتُ مَعَهُ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَنِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم، مِنْ أَزْوَاجِهِ؟ فَقَالَ: تِلْكَ حفصَةُ وَعَائِشَةُ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: وَاللهِ، إِنْ كُنْتُ لَأُرِيدُ أَن أَسْأَلَكَ عَنْ هَذَا مُنْذُ سَنَةٍ، فَمَا أَسْتَطِيعُ هَيبَةً لَكَ، قَالَ: فَلَا تَفْعَل، مَا ظَنَنْتَ أَنَّ عِنْدِي مِنْ عِلْمٍ فَسَلني عَنْهُ، فَإِنْ كُنْتُ أَعْلَمُهُ أَخْبَرْتُكَ، قَالَ: وَقَالَ عُمَرُ:

«وَاللهِ، إِنْ كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَا نَعُدُّ لِلنِّسَاءِ أَمْرًا حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى فِيهِنَّ مَا أَنْزَلَ، وَقَسَمَ لَهُنَّ مَا قَسَمَ، قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا فِي أَمْرٍ أَأْتَمِرُهُ، إِذْ قَالَتْ لِي امْرَأَتِي: لَوْ صَنَعْتَ كَذَا وَكَذَا، فَقُلْتُ لَهَا: وَمَا لَكِ أَنْتِ وَلِمَا هَاهُنَا؟ وَمَا تَكَلُّفُكِ فِي أَمْرٍ أُرِيدُهُ؟ فَقَالَتْ لِي: عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، مَا تُرِيدُ أَنْ تُرَاجَعَ أَنْتَ، وَإِنَّ ابْنَتَكَ لَتُرَاجِعُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ، قَالَ عُمَرُ: فَآخُذُ رِدَائِي، ثُمَّ أَخْرُجُ مَكَانِي حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى حَفْصَة، فَقُلْتُ لَهَا: يَا بُنَيَّةُ، إِنَّكِ لَتُرَاجِعِينَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ؟ فَقَالَتْ حفصَةُ: وَاللهِ إِنَّا لَنُرَاجِعُهُ، فَقُلْتُ: تَعلَمِينَ أَنِّي أُحَذِّرُكِ عُقُوبَةَ اللهِ، وَغَضَبَ رَسُولِهِ، يَا بُنَيَّةُ، لَا تَغُرَّنَّكِ هَذِهِ الَّتِي قَدْ أَعْجَبَهَا حُسْنُهَا، وَحُبُّ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم إِيَّاهَا، ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى أُمِّ سَلَمةَ، لِقَرَابَتِي مِنْهَا، فَكَلَّمْتُهَا، فَقَالَتْ لِي أُمُّ سَلَمةَ: عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، قَدْ دَخَلْتَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَبْتَغيَ أَنْ تَدْخُلَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم وَأَزْوَاجِهِ، قَالَ: فَأَخَذَتْنِي أَخْذًا كَسَرَتْنِي عَنْ بَعْضِ مَا كُنْتُ أَجِدُ، فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهَا، وَكَانَ لِي صَاحِبٌ مِنَ الأَنصَارِ، إِذَا غِبْتُ أَتاني بِالْخَبَرِ، وَإِذَا غَابَ كُنْتُ أَنَا آتِيهِ بِالْخَبَرِ، وَنَحْنُ حِينَئذٍ نَتَخَوَّفُ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ غَسَّانَ، ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسِيرَ إِلَيْنَا، فَقَدِ امْتَلأَتْ صُدُورُنَا مِنْهُ، فَأَتَى صَاحِبِي الأَنصَارِيُّ يَدُقُّ الْبَابَ، وَقَالَ: افْتَحِ، افْتَحْ، فَقُلْتُ: جَاءَ الْغَسَّانِيُّ؟ فَقَالَ: أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ، اعْتَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم أَزْوَاجَهُ، فَقُلْتُ: رَغِمَ أَنفُ حَفْصَةَ وَعَائِشَةَ، ثُمَّ آخُذُ ثَوْبِي، فَأَخْرُجُ حَتَّى جِئْتُ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم، فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ، يُرْتَقَى إِلَيهَا بِعَجَلَةٍ، وَغُلامٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم، أَسوَدُ عَلَى رَأْسِ الدَّرَجَةِ، فَقُلْتُ: هَذَا عُمَرُ، فَأُذِنَ لِي، قَالَ عُمَرُ: فَقَصَصْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم هَذَا الْحَدِيثَ، فَلَمَّا بَلَغْتُ حدِيث أُمِّ سَلَمةَ، تَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم، وَإِنَّهُ لَعَلَى حَصِيرٍ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، وَإِنَّ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظًا مَصْبُورًا، وَعِنْدَ رَأْسِهِ أُهُبًا مُعَلَّقَةً، فَرَأَيْتُ أَثَرَ الْحَصِيرِ فِي جَنْبِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم، فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ كِسْرَى وَقَيصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ، وَأَنْتَ رَسُولُ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم: أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمَا الدُّنْيَا وَلَكَ الآخِرَةُ» (٣).


(١) اللفظ للبخاري (٥٨٤٣) قال: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن عبيد بن حنين، به.
(٢) اللفظ لمسلم ٤/ ١٩٠ (٣٦٨٥) قال: حدثنا هارون بن سعيد الأَيلِي، حدثنا عبد الله بن وَهب، أخبرني سليمان، يعني ابن بلال، أخبرني يحيى، أخبرني عبيد بن حنين، به.
(٣) أخرجه أحمد، والبُخاري، ومسلم، وأبو يعلى، وأبو عَوانة.

<<  <  ج: ص:  >  >>