للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[باب لا نَذر فيما لا يملِك العبد]

١٢٥٣ - عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ الْجَرْمِيِّ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ:

«كَانَتْ ثَقِيفٌ حُلَفَاءَ لِبَنِي عُقيلٍ، فَأَسَرَتْ ثَقِيفٌ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم، وَأَسَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم، رَجُلًا مِنْ بَنِي عُقيلٍ، وَأَصَابُوا مَعَهُ الْعَضْبَاءَ، فَأَتَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم، وَهُوَ فِي الْوَثَاقِ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: بِمَ أَخَذْتَنِي؟ وَبِمَ أَخَذْتَ سَابِقَةَ الْحَاجِّ؟ فَقَالَ إِعْظَامًا لِذَلِكَ: أَخَذْتُكَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ ثَقِيفٍ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ، فَنَادَاهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، يَا مُحَمَّدُ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم، رَحِيمًا رَقِيقًا، فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ، قَالَ: لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَملِكُ أَمْرَكَ، أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَادَاهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، يَا مُحَمَّدُ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: إِنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي، وَظَمْآنُ فَاسْقِنِي، قَالَ: هَذِهِ حَاجَتُكَ، فَفُدِيَ بِالرَّجُلَيْنِ، قَالَ: وَأُسِرَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنصَارِ، وَأُصِيبَتِ الْعَضْبَاءُ، فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْوَثَاقِ، وَكَانَ الْقَوْمُ يُرِيحُونَ نَعَمَهُمْ بَيْنَ يَدَي بُيُوتِهِمْ، فَانْفَلَتَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنَ الْوَثَاقِ، فَأَتَتِ الإِبِلَ، فَجَعَلَتْ إِذَا دَنَتْ مِنَ الْبَعِيرِ رَغَا فَتَتْرُكُهُ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى الْعَضْبَاءِ، فَلَمْ تَرْغُ، قَالَ: وَنَاقَةٌ مُنَوَّقَةٌ، فَقَعَدَتْ فِي عَجُزِهَا، ثُمَّ زَجَرَتْهَا فَانْطَلَقَتْ، وَنَذِرُوا بِهَا فَطَلَبُوهَا فَأَعْجَزَتْهُمْ، قَالَ: وَنَذَرَتْ لِلَّهِ، إِنْ نَجَّاهَا اللهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، فَلَمَّا قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ رَآهَا النَّاسُ، فَقالوا: الْعَضْبَاءُ نَاقَةُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم، فَقَالَتْ: إِنَّهَا نَذَرَتْ، إِنْ نَجَّاهَا اللهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ، بِئْسَمَا جَزَتْهَا، نَذَرَتْ لِلَّهِ، إِنْ نَجَّاهَا اللهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ» (١).

- وفي رواية: «كَانَتْ بَنُو عُقيلٍ حُلَفَاءَ لِثَقِيفٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَتْ ثَقِيفٌ قَدْ أَسَرَتْ رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ أَسَرُوا رَجُلًا مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ، مَعَهُ نَاقَةٌ لَهُ، وَكَانَتْ لَهُ نَاقَةٌ سَبَقَتِ الْحَاجَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، كَذَا وَكَذَا مَرَّةً، وَكَانَتِ النَّاقَةُ إِذَا سَبَقَتِ الْحَاجَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، لَمْ تُمْنَعْ مِنْ كَلإٍ تَرْتَعُ فِيهِ، وَلَمْ تُمْنَعْ مِنْ حَوْضٍ تَشْرَعُ فِيهِ، قَالَ: فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلى الله عَليه وسَلم، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، بِمَ أَخَذْتَنِي، وَأَخَذْتَ سَابِقَةَ الْحَاجِّ؟ فَقَالَ: بِجَرِيرَةِ حُلفَائِكَ ثَقِيفٍ، قَالَ: وَحُبِسَ حَيْثُ يَمُرُّ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم، قَالَ: فَمَرَّ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي مُسْلِمٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَليه وسَلم: لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَملِكُ أَمْرَكَ، كُنْتَ قَدْ أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ، قَالَ: ثُمَّ مَرَّ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي، وَظَمْآنُ فَاسْقِنِي، قَالَ: تِلْكَ حَاجَتُكَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم بَدَا لَهُ، فَفَادَى بِهِ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَسَرَتْ ثَقِيفٌ، وَأَمْسَكَ النَّاقَةَ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ أَغَارَ عَدُوٌّ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَأَخَذُوا سَرْحًا لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم، فَأَصَابُوا النَّاقَةَ فِيهَا، قَالَ: وَقَدْ كَانَتْ عِنْدَهُمُ امْرَأَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ أَسَرُوهَا، وَكَانُوا يُرَوِّحُونَ النَّعَمَ عَشيًّا، فَجَاءَتِ الْمَرْأَةُ ذَاتَ لَيْلَةٍ إِلَى النَّعَمِ، فَجَعَلَتْ لَا تَجِيءُ إِلَى بَعِيرٍ إِلَّا رَغَا حَتَّى انْتَهَتْ إِلَيهَا فَلَمْ تَرْغُ، فَاسْتَوتْ عَلَيْهَا فَنَجَتْ، فَقَدِمَتِ الْمَدِينَةَ، فَقَالَ النَّاسُ: الْعَضْبَاءُ، الْعَضْبَاءُ، قَالَ: فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: إِنِّي نَذَرْتُ إِنْ أَنجَانِي اللهُ عَلَيْهَا أَنْ أَنْحَرَهَا، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم: بِئْسَمَا جَزَيْتِهَا، لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» (٢).

- وفي رواية (٣): «كَانَتِ الْعَضْبَاءُ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ، وَكَانَتْ مِنْ سَوَابِقِ الْحَاجِّ، فَأُسِرَ الرَّجُلُ، وَأُخِذَتِ الْعَضْبَاءُ مَعَهُ، قَالَ: فَمَرَّ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم وَهُوَ فِي وَثَاقٍ، وَرَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم عَلَى حِمَارٍ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، تَأْخُذُونِي وَتَأْخُذُونَ سَابِقَةَ الْحَاجِّ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم: نَأْخُذُكَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ ثَقِيفٍ، قَالَ: وَكَانَتْ ثَقِيفٌ قَدْ أَسَرُوا رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلى الله عَليه وسَلم، وَقَالَ فِيمَا قَالَ: وَإِنِّي مُسْلِمٌ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم: لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ، أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ، قَالَ: وَمَضَى رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم، قَالَ: فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي، وَإِنِّي ظَمْآنُ فَاسْقِنِي، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم: هَذِهِ حَاجَتُكَ، ثُمَّ فُدِيَ بِالرَّجُلَيْنِ، وَحَبَسَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم الْعَضْبَاءَ لِرَحْلِهِ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ أَغَارُوا عَلَى سَرْحِ الْمَدِينَةِ، فَذَهَبُوا بِهَا، وَكَانَتِ الْعَضْبَاءُ فِيهِ، قَالَ: وَأَسَرُوا امْرَأَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: فَكَانُوا إِذَا نَزَلُوا أَرَاحُوا إِبِلَهُمْ بِأَفْنِيَتِهِمْ، قَالَ: فَقَامَتِ الْمَرْأَةُ ذَاتَ لَيْلَةٍ بَعْدَ مَا نُوِّمُوا، فَجَعَلَتْ كُلَّمَا أَتَتْ عَلَى بَعِيرٍ رَغَا حَتَّى أَتَتْ عَلَى الْعَضْبَاءِ، فَأَتَتْ عَلَى نَاقَةٍ ذَلُولٍ مُجَرَّسَةٍ، فَرَكِبَتْهَا، ثُمَّ وَجَّهَتْهَا قِبَلَ الْمَدِينَةِ، قَالَ: وَنَذَرَتْ إِنِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْجَاهَا عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، فَلَمَّا قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ عُرِفَتِ النَّاقَةُ، فَقِيلَ: نَاقَةُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم، قَالَ: فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلى الله عَليه وسَلم بِنَذْرِهَا، أَوْ أَتَتْهُ فَأَخْبَرَتْهُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم: بِئْسَمَا جَزَتْهَا، أَوْ بِئْسَمَا جَزَيْتِيهَا، إِنِ اللهُ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى، أَنْجَاهَا عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، قَالَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم: لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» (٤).


(١) اللفظ لمسلم ٥/ ٧٨ (٤٢٥٥) قال: حدثني زهير بن حرب، وعلي بن حُجْر السعدي، واللفظ لزهير، قالا: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا أيوب، عن أبي قِلابة، عن أبي المهلب، به.
(٢) اللفظ للحُميدي (٨٥١) قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا أيوب السختياني، قال: سمعت أبا قِلابة يحدث، عن عمه، به.
(٣) اللفظ لأحمد (٢٠١٧٩) قال: حدثنا عفان، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا أيوب، عن أبي قِلابة، عن أبي المهلب، به.
(٤) أخرجه الحُميدي، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد، والدارِمي، ومسلم، وابن ماجة، وأبو داود، والتِّرمِذي، والنَّسَائي.

<<  <  ج: ص:  >  >>